التنمر//الكاتب عبدالغني أبو إيمان.

تنمر 

ها ها ها..!!

انظروا إلى شكله!!..

راقبوا هيأته!!..

ما به يمشي هكذا؟!..

إنه فقير..

المعلمة تفضله علينا!!…

هيا نلقنه درسا!!..

اخطفوا محفظته..

انهشوا "بسكويته"..

كسروا أقلامه!!..

نحن الأقوياء..

نحن القدماء..

نحن الأذكياء..

اهربوا..

قدمت المعلمة..

….

عليٌّ متسمر مكانه..

أغراضه على الأرض مبعثرة..

بقايا أكله منثورة هنا وهناك..

نادته معلمته..

علي!! يا علي..

علي لايرد..

فقط خطان من الدموع على وجنتيه..

مرتعد.. مشدوه..

جمعت المعلمة أغراضه..

أخذت بيديه إلى الفصل..

الكل يضحك مستهزءا..

…

ضربت المعلمة بالعصا على المكتب..

صمت رهيب داخل الفصل..

أجلست المعلمة عليا على كرسي مكتبها..

درس اليوم درس عملي.. ظاهرة التنمر.. من منكم يستطيع ان يعطينا تفسير كلمة "تنمر"؟ الكل واجمٌ مكانه. استأذنت فاطمة الصغيرة معلمتها في الكلام..

"تفضلي فاطمة".

قالت فاطمة : "تنمر" يعني اعتداء على شخص ما بالقول والالفاظ الجارحة نتيجة الحسد والاحساس بالنقص من طرف المعتدي."

"أحسنت فاطمة." قالت المعلمة وصفقت بحرارة.

"هل التنمر جيد أم قبيح؟" سألت المعلمة.

الكل طأطأ الرأس. استأذنت فاطمة معلمتها مرة أخرى في الكلام. قالت المعلمة : "أريد الإجابة منك انت يا سعيد."

لم يجرأ سعيد على رفع رأسه وقال بصوت خافت: "لا يامعلمتي. التنمر فعل قبيح."

بسرعة قاطعته المعلمة: "ولماذا يا سعيد؟"

لم يستطع الإجابة لأنه سعيدا كان فردا من المجموعة التي اعتدت على عليّ.

هنا استرسلت المعلمة قائلة: "التنمر فعل قبيح وشنيع ولايقوم به إلا الأشخاص السيئون. التنمر يدمر الأشخاص والمجتمع لأنه يجعلنا جميعا نعيش كالوحوش في الغابة، يأكل القوي الضعيف، ويعتدي الغني على الفقير، ويستهزئ صاحب البدن القوي بصاحب البدن الضعيف.

الإنسان ميزه الله بالعقل وسهر اه كل شيء في هذه الأرض ليعمرها. ديننا يأمر بعدم الاستهزاء بالآخرين لقوله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهم." وأمرنا بالتعاون والتكافل فقال سبحانه: " وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان." وقد حدث في السيرة النبوية أن صحابيا ألا ذر العفاري نعم أحد الصحابة بكلمة قبيحة حيث قال له : "يا ابن السوداء". فاما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال لأبي ذر: "يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية." فبكى أبو ذر وذهب عند الصحابي الذي عيَّرَه يطلب منه العفو على ما بدر منه.

أرأيتم أعزائي كم هو قبيح أن نتنمر على الآخرين فقد يكونوا أحسن منا وقد يكونوا محبوبين عند الله أكثر منا.

والآن ما رأيكم؟ هل التنمر فعل جيد أو قبيح؟.."

صرخ التلاميذ كلهم بصوت واحد: "قبيح قبيح معلمتي."

هنا طلبت المعلمة من علي الوقوف وسألته : "ما رأيك انت يا علي؟"

أجاب علي باستحياء: "طبعا التنمر فعل قبيح وشنيع."

وهنا استأذنت مجموعة من التلاميذ معلمتهم في الوقوف والذهاب باتجاه علي. فأذنت لهم.

"سامحنا ياعلي .. اغفر لنا خطأنا .. لن نعود بمثلها أبدًا.." وعانقه الجميع عناقا حارا. وهذا يريد ان يحمل حقيبته والآخر يعطيه قطعة حلوى والآخر يحاول أن يضحكه.

ابتسمت المعلمة وقالت للجميع: "هكذا يجب ان نكون جميعا. متآلفين نحب بعضنا البعض، متعاونين، يساعد القوي الضعيف. أحبكم جميعا أعزائي."

الكاتب 

عبدالغني أبو إيمان. 

 26/10/2024