(قصة قصيرة)
"سوء ظن"
صار عرفا بين الجميع أن الأحمر لديه الريادة هنا،والأبيض ضيفا في المناسبات..!
حين تفاجأ الأحمر بوجود الأبيض دون سابق إنذار دارت رحى الحرب وتقاتلا
حتى كادا يسقطان صرعى .
حاولا التقاط الأنفاس وكان الجو خانقا
؛ فالمكان ضيق ذو طريق طويل مغلق من الجانبين .
خارت قواهما ولكن الأبيض كان حريصا على تدارك الأمر وتوضيح ماقد يكون حدث من لبس، فقال بصوت متهدج وهو يحاول استعادة قوته:
ظننتك ستدرك اتحاد المصالح فيما بيننا وتعاون الغير على عدائنا فما جئت إلا لنجدتك من شر قد اقترب ونهاية مأساوية ستحل لو لم نتعاون، فلم يعد لدينا وقت، وهم على وشك الحضور ..!
لدي رجالي الذين يعرفون بأدواتهم الخاصة موعد حضورهم ،ويدركون خططهم المميتة وقد تجهزت وحشدت جيوشي للمواجهة وبمشيئة الله سيكون النصر حليفنا.
لازال الأحمر في ذهوله تعلو وجهه الدهشة ،ورجاله قد تراجعوا عندما سمعوا كلمات الأبيض ،وأدركوا صدقه ،فكم من المعارك خاضها مع رجاله في زيارات سابقة ولكن كان هذا بموجب رسالة واضحة المفهوم، ويومها كان الترحيب على قدم وساق وتجهيزات الضيافة بكرم ليس له نظير ولكن هذه المرة إختلفت الظروف ، تذكر أحد حكماء الأحمر زيارة سابقة لزائر مجهول مما جعل الهواجس تسيطر على قائد الأحمر ، فشعر بأطماع الأبيض وأراد أن يحبط خططه للسيطرة على كامل الأرض ، هكذا صور الزائر الغريب الأمر وزينه بمشاعر الحب والنية الصافية في تقديم النصح ..!
تعجب رجال الأحمر من أمر قائدهم وبتسليمه دون قيد أو شرط بكل ماقاله
الزائر .
قال الأحمر القائد لضيفه الأبيض معذرة ، فنحن ضيوف مثلكم ولكن نستمر في المكان بصفة دائمة بينما أنتم ضيوف الظرف الطارئ وهذا ما أوجد سوء التفاهم .
نظر قائد الأبيض لنظيره والدموع تتجمد في حدقة عينه وهم بالكلام
فقطع عليهم الحديث جيوش الأعداء
بأعداد لا مثيل لها تدخل من فتحة دقيقة من المقدمة ،وتتغلغل في دروب المكان ، فكانت جيوش الأبيض لها بالمرصاد، وخاضت معركة عنيفة حتى سقطت أعدادا هائلة منها في مدة زمنية وجيزة ، وبدا الأمر خطيرا ، فإستشار الأحمرحكماءه عن كيفية تقديم الدعم حيث أنهم ليسوا رجال قتال و ليسوا باستعدادات الأبيض الذين يلقبون برجال المهام الخاصة..!
وكأن زلزالا بمقياس تسعة ريختر فتساقط الجميع داخل المكان الذي جمعهم والأعداء الذين استبشروا خيرا بهذا السقوط المروع .
وبدت الهزيمة الساحقة وشيكة والإحتفالات من جانب الأعداء على أشدها وأعلامهم ترفرف ،والأحمر يعاضد الأبيض في خطة دفاعية محكمة تمنع الجيوش المغيرة من التقدم ، القائدان جنبا إلي جنب وأحاديث العتاب لا زالت،وشعور تأنيب الضمير يغلف تصرفات الأحمر ، حتى شعرا بروح جديدة تدب في أوصال الجسد الممدد وتهلل جنود الأبيض وهم يشتمون علامات المدد الكيميائي الذي تعودوا رائحته ،و راقبوا جنود العدو يترنحون بينما عاودتهم الصحوة ، فانقضوا دون هوادة على الغريم الشرس ، عادت للأحمر والأبيض نظرة التفاؤل وتعانقا وهم يرون جنود العدو صرعى عن آخرهم ، والمدد الكيميائي لا يتوقف ، البعض حدد مدة المعركة بأسبوع والبعض الآخر أقر بتجاوزها عشرة أيام ، تبادر إلى اسماعهم كلمات التهاني وتلصص بعض من رجال الأبيض والأحمر وعادا بالخبر اليقين:
إنتهت المعركة بدحر الأعداء عن آخرهم
وعاد الجسد سليما معافا ،وتم الشفاء التام فعمت الفرحة الجميع وتعانقوا..!
عادل عبد الله تهامي السيد علي
مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق