نبض نخلة: الأرجوحة//الكاتب عادل عبد الله تهامي

الخميس، 29 أغسطس 2024

الأرجوحة//الكاتب عادل عبد الله تهامي

 (قصة قصيرة)


(الأرجوحة)


جاء صوته هادرا وسط جمع غفير مرددا نص الآية الكريمة:

"أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم"

وعقب قائلا: 

من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فالله حي لايموت" فهدأت ثورة الجموع ،وقال عمر :

وكأنني أسمع تلك الآيات للمرة الأولى..!  

سار في أسواق المدينة ، وتفقد شئون الرعية ، وحمل على كتفه جوال الطحين

وطرق باب فقراء يئنون من الجوع ، وصنع لهم الطعام فهدأت نفسه. 

جلس على فراش من الحصير ووضع

تحت رأسه حجرا ، واستظل تحت شجرة وارفة حتى غاب في نوم عميق..!

قالوا:

 كليوباترا في نزاعها مع شقيقها حتى جيشا الجيوش وتصارعا فكاد يصرعها ، هربت سرا إلى روما ، ومنحت نفسها قربانا لقيصر وولدت ذكرا أسمته بطلميوس قيصر ، وعادت تحت لوائه ؛ لتتخلص من الشقيق وتسود القصر المنيف ، وبين مارك أنطونيو وقيصر تحركت مشاعرهاحتى مات أنطونيو ، وتجرعت السم لتلحق به. 

قال لعمرو :

إن الفساد استشرى في مصر ، وسادت الوثنية ، وأن الشعب من طغيان قيصر 

فعبر بحر القلزم وسار بجيشه نحو البوابة الشرقية حتى فتحها ، وتهلل

العامة واستبشروا خيرا..! 

قال عمرو وجعلت الأرض مسجدا وطهورا..

الشوارع تضج بالمارة والزينة سمة المكان ، والصغار يتعلقون في ثياب أمهاتهم يتوقون للحلوى ، والحلواني

لا يدخر جهدا فيطبع كل شيء بخصوصية تجذب القريب والبعيد حتى بدت مصر عروسا تتأنق وترفل في ثوب من العز ، فينشد الشعراء قصائد المحبة لها ولحكامها ..!

 عاش ليال الأنس في شارع محمد علي..! 

جلس على طاولة في كازينو بديعة ، وطالع بعين شبقة صدور الراقصات ، ومال مع تموجات أجسادهن،ثم نهض

فزعا مستغفرا ربه ، حولته المياه الباردة

لناسك يخشع ويتبرك بالعتبات المقدسة 

صعد على المنبر مخاطبا الجموع بصوت لايخلو من نبرة الحزن مفتتحا كلامه بالصلاة والسلام على خير الأنام ، كانت

الوجوه مستبشرة بعهده حتى قتلوه..! 

صارت الجلبة بسوق المدينة ،قالوا:

اللص حمل كنوز قيصر من مصر ورحل بها سرا في قارب تحت جنح الليل قاصدا روما ، قال العامة :

ومن أين لقيصر الكنوز وهي من خير مصر ،وكيف يهرب بها ويترك مصر تئن

قال الرجل :

ليس مصريا ،ولا يعرف له أبا ، منحت أمه نفسها لعابري السبيل فلطمه آخر

صارخا في وجهه :

إنه ولي النعم ومن غيره نموت..! 

كانا يأكلان خبزا مبللا بالماء لسد الجوع

ويبتسمان وهما يشدان حزاما على بطن 

خاوية.. 

قال الآخر :

اليوم ضيق وغدا سعة ورغد ،فهمهم عجوز في زاوية من بناية قديمة حتى

افتر ثغره عن ابتسامة ساخرة ، فنظر نحوه متسائلا:

مر عليك الحكام ياجدي فلعلك تدرك ما يستعصي على فهمنا..!


عادل عبد الله تهامي السيد علي 

مصر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خذلان//الكاتبة إكرام التميمي.

 خذلان  عاجزة أنا  عاجزة أنا عن مقارعة الاحزان عن رسم خريطة الوطن بكل الألوان .. عن إدراك ماهية الخذلان ..  عاجزة أنا ..  عن لملمة أوراق الن...