إشتياق
شوق ينبت مترددا بين السهوب الخالية...يستغلظ السوق في بردياته...يبحث في خلواته عن خلان راحوا في عتمة الليل البهيم...
إنها الغائبة في زمن الحضور...الحاضرة في زمن الغياب ...تهفو مختالة بين الشريان والفؤاد...تقفز كغزال شرود...
وللنفس أسوار مسيّجة...منغلقة عن أسرارها...تعتكف في خلوتها المطروقة بسندان الرهية والخوف والتلبّس.
إنها أنتِ...ورقة ذاوية...تخدشها أنواء الخريف...يا جرح في فم السراب...ليال سرمدية مازالت محفورة في الذاكرة...أختنق بعباراتك المنسابة في فرجات الأبواب الغليظة المتداعية ..مازال الربيع مورقا وحدائق المدن وارفا ..ومازالت في فورة الحمى خائرة...تنهال الزوابع مكابرة ..تلطم همسات الأب لابنته...فيرتطم في قرارة النفس تجاوبف متكلّسة...
لكن الوداع قاسِ بطبعه...يشتت المهجة والخاطرة...ويجعل للبعاد سطوة المجالسة...مجالسة العبرات المنحدرة من مآق تحجّرت بفعل المحاولة...محاولة رسم ابتسامة ولدت ميّتة ..
حقائبك في العربة ...ودفاترك تحتضر مسافرة ..وأوراق الخريف تلفظ أنفاسها ...مازال الكتاب مفتوحا على سنابك الملحمة...ومازالت والدتك تنتحب صاغرة...حانت منها إلتفاتة...بدت منهارة. لم تقتعيها أبدا بجذاذاتك البالية...لم تراع في الرحيل إلا قلوب تتباعد نائية...
الطريق موحش...ورمالها ملتهبة وقد أستودعت في لجّ الهوى رغبة متوحّشة...تعتادها النفس المخذولة الباكية...أن تتغير قوانين الحياة وتستثني هاته. السفرة الضاربة في العبث والمخاطرة...وهل لجراح الأمس أن تلتئم...وتلابيب الذكريات تختزلها دفاترك المسافرة...وهل لألبوم الصور فجرا...تتسلل منه أشعة الشمس الضاحكة...ففي دفئها يكمن وجه والدتك الصافي...وحشرجة صوتها...وهي تتأبّط المسافات الباقية..
الكاتب
محمد سليماني.
13/8/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق