السِّحر
فقد دلّ القرآن الكريم وهو كلام الله السرمدي الصادق أن السحر موجود فبعضه تخييل، وبعضه حقيقة ملموسة محسوسة وأثرها بيّن معلوم.. ومن ذلك قوله تعالى في قصة موسى مع السحرة: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه:66]، ومنها قوله -جل وعلا- في سورة البقرة: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتََ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة:102].
فالسحر حقيقة كريهة ..ولكن فيه تخييلا وتلبيسا على النفس من مجاهل كيد الساحر...الذي لا يفلح حيث أتى..كما جرى من السحرة فيما فعلوا من التخييل بالحبال والعصي، ويقع بعضه مؤثراً : {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة:102].
لكن كل شيء بإذن الله، ولهذا قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:102]، أي: بإذن الله الكوني القدري، فهذا يدل على أنه قد يقع منه ضرر، وقد يحصل منه، بسببه تفريق بين الرجل وزوجته، ولكن كثير من الناس قد يتوهموا هذا الشيء، ويظنوا أنه سحر، وليس بسحر، ولكنها أوهام ووساوس.
للتوقي من السحر نداوم التعوذات الشرعية، والأذكار التي جعلها الله واقية منه...ومنها قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة وعند النوم، ومنها قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين...للوقاية من السحر ومن شر الشيطان.
ومن ذلك أيضًا: التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، والأخذ بالأسباب...والإستئذان بآي القرآن الكريم الشافية من كل زيغ وبهتان ووسوسة شيطان.
يبقى الإنسان في حاجة لدرع قيمي يقيه عمل كل ساحر ونافث ومحتال...فيعمدون لتفريقه عن زوجه....ويبث الخوف في نفسه...وإيهامه بالنقص في الأموال والثمرات...فالجن والسحرة والكهان يسخّرون الأسباب للغواية والتفتين...وشدّ النفس نحو مجاهل الأمور ومخفياتها....ويبقى القرآن الكريم هو المانع والعاصم عن كل زيغ وانحراف وانخرام في البناء النفسي القويم...وسنة نبيه ومن تبع الأخيار بإحسان إلى يوم الدين...مع شرعنة القيام بالرقية الشرعية المانعة عن النفس التخييل والتلبّس والإلتباس...
أعاذنا الله وإياكم من النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد...
الكاتب
محمد سليماني.
31/8/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق