مفاخر ثائرة
في سويداء القلب توقر الأمنية... وتتكدّس الأمنيات...فتورق في حناياها داجيات الليال الباردة...وتترادف الخيبات تِباعا...تلثم غبار الحريق...فتصطفّ جموحة تركب البغي. واليباب...وتصطرع على حواشيها المرمّمة همسات ونشيج وعويل.
وقف العم محمود مشدوها...تغرقه اللحظة في خريرها...تمتصّ نضارته المختمرة...كانت المفاجأة مولولة...لطمتها قاتلة...تسمّر يهادن الكبوة الماثلة...حشرجة محمومة مستنفرة تلجُ حناياه الباردة...تستطرد البوح والشكوى.
كان ابنه محمولا على سواعد العناية المركّزة...جموع تلهث متخاذلة...تتسابق متآمرة..تتحامل في كرّها متهادية..تلهث الأمنية خلف سيارة إسعاف راسية...عجلاتها مدبّبة...وأبوابها خرسانية باهتة...قطرات دم تستمطر ذاوية...خيوطها متخثّرة قانية ...تدوسها الأقدام على الأرضيّة الناعمة...سطحها أملس مثلوم الزاوية...بدت أنفس الطواقم متلاطمة...تئزّ كحمم البراكين في التلال العالية...رتيبة متناغمة.
لامسته الحيرة...مستبدّة قاتلة...إنحشرت في صدره ملتهبة...تسكب الشكوى والخسارة البادية...كانت الرصاصة ثابتة...خفقان قلبه يضطرم خائرا...هدّه السير في الميادين المكبّلة ثناياها مترهّلة...أخاديد عميقة ووهاد جاثمة...جرح عميق في الترقوة ...إنها الفخر والمأثرة...ذاد عن حماه...وانتصر للوطن كوثبة أسد هصور في الفلوات الشاسعة...غزلان وريم وظباء تعمّ الصحاري الصفراء الحارقة...تشقّها لعلعة البنادق في الخنادق المسيّجة...كانت الكتيبة كغزلان الفيافي الضامرة...طالتها أياد البطش والعربدة...
نقلوا ابنه على جناح السرعة...كان الأمل ضئيلا...والهوّة تتسع ...براقعها سافرة...سكينة دلفت نحوه هاجعة...تقره السكينة والغيمة السابحة...ليرى والده يستكين متودّدا...يكتب على سطور الفخر ...فخرا ثانيا.
الكاتب
محمد سليماني.
2/10/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق