الخيبة الموثّقة
شردت في ضباب التحليل تستقرأ أبعاد المراكمة...ترمّم أشتاتها المجزّأة..مرثيات وحزن ونحيب...وأثواب مشقوقة وعفونة تجتاح السفوح الواطئة...جبل يرتقي في عوالم الإنتشاء...يشحذ المرحلة... في قمّة التلّ حمامة نائحة...تستوطن الرثاثة وتشرّع لغرابيب البين في تدوين برادي الطلاسم المدنّسة... وثناياها الموحلة وقريبا عن المنعطفات المغلقة تنبت منازل القرية... المثلومة تنسخ جدواها... تزدحم كالعلب الصغيرة حول الرمال المتخرّكة...وعلى بعد أمتار منها تقف بيت حمّاد شاهقة... تستولد من ضنك الإحتمال إحتمالات أخرى...يعيش معزولا...مجلودا في أقبيتها... مخذولا يجترّ خيبته...تمور ذاكرته...تحلّق مع دواوير دخان سيجارته...مازالت هدى في حناياه. راقدة ترقد مثلومة البنيان والزاوية ...مازال رذاذ المطر يلطم النوافذ بسطوته... ريح هوجاء تزلزل الأرض تحت أقدامه...حين دلفت هدى هيفاء ...متورّدة... تمشي باستحياء متردّدة...جميلة الملامح...تفرد سافرة. ..تعبث الأنواء بشعرها الفاحم...يسحر اللّب والخاطرة والدها مختار القرية...وجيها ذا حظوة ومكانة... ومنزلة مستفردا برأيه مكابرا... مازالت ذكراها تتسلّل دافئة...وتفرّد والدها برأيه يشقّ أطمار المرحلة... يستردّ من لهيب المحاولة فرحة الوصال والصبابة المنهكة... وخيط الغمام في إدباره... تزوجت رغمًا
عن والدها...الذي حرّق الأثاقي في مواقدها... كان زوجها مأخوذ بالصدمة... يساير الأزمان الغادرة... يكرع من غسلين الجحيم ... ويهادن اللطمة القادمة...تزوّجها عنوة... وكانت له راضية ... أبرمت سلاما مع أمّها... التي سقطت ضحية ورم نبت في صدرها...نفقت كبهيمة في الفلاة...مهملة...كان زوجها غليظا...لم يغفر زلتها... عيون في
المدى تراقبه عن كثب...أرسل العسس يقتفون أثره... يجدّون في الأمر... كلاب مسعورة تستنسخ المراحل المستوقدة...داهموها ذات أصيل...رجموها...وأوثقوها وحملوها بضاعة ...تستعرّ المشاوير المرابطة...
كان قتالا رهيبا...دافع عن زوجته ببسالة نادرة...أثخنته الجروح العميقة وأنثنى مثلوما على قفاه متهالكا...لنغلقت عيناه...وساح في ظلمة داجية...واقتطع من ليله البهيم ضباب المعركة الضاريّة... حمّلوها جريحة نحو والدها ... المختال ظلالةً... ماتت الأحداث في
قلبه...والنار تستعر متقدة...تشعل نيرانه في لهيبها تختلج لها الكينونة صابرة...واختلت الطبيعة بأسفارها ...توثّق في دفاترها مهاوي الغدر والخيبة الموثّقة.
الكاتب
محمد سليماني.
12/10/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق