نبض نخلة: الجياد الملثّمة//الكاتب محمد سليماني

الأربعاء، 11 أكتوبر 2023

الجياد الملثّمة//الكاتب محمد سليماني

 الجياد الملثّمة


غيوم كثيفة تعبر مسافرة...غربان متثقالة تفرد أجنحتها على المروج الخضراء اليانعة...تملأ المكان نعيقا...تحمل الشؤم والمكيدة والمسخرة... تنشر الموت الزؤام على الهضاب المعشوشبة ... جبال تنطح السحب زاخرة... 

ينتشر الموت متكتّلا...يكبّل المهج المتودّدة... يسافر نحو القرى المرصودة...الشهيدة ... شاهدة عصرها... براري مقرفصة... سفوح ووديان ملغّمة... كتيبة من الفرسان قادمة خُببا...تُسرع في مشيها... حوافر الخيل تنقدح تحت صليل المرحلة... ترسل شررا متواترا... تنعكس سيوفهم البتّارة المشحوذة بفعل لهيب الشمس المشتعلة... كانت القرى الآمنة مسلكهم... يمخرون في جداول القحط يعبّون من وهج النكاية موطئا...بدت لهم الخيام تهجع حالمة...تفتتن مسالمة...أطفال يلهون بالأتربة الحامية...يحاكون الفرسان في غزواتهم... رعاة في الوهاد والحقول يقتفون أثر المواشي تخبّ نحو الكلأ المزروع على ظهر القبيلة المطمئنّة المتصالحة... في ركن من أركانها... يحملون الرفوش... يسنّون المحاريث ...يتعهّدون أرضهم...زخم يسكن الفلوات الشاهقة...وترانيم العصافير تنبعث هادئة... وقفت

 الكتيبة...تهادن اللحظات... تمكر في أقبية السراديب... تشدّ بالنواجذ على طمس معالم القرية الآمنة... يستطرقون أغوارها... كان القيظ يزحف في القيلولة... يشقّ تلابيب اللحظة الساكنة... اقتربوا نحو 

الحمى...والجنادل تحتمي  متلاطمة...كرّوا من كل صوب... يسلخون جلود عمّارها... لم يتركوا شيخا... ولا وليدا يذكون وقود المحارق... يشعلون أطرافها... هاجت القريبة بعد هجعتها... وتلاحمت أشبالها... يريدون رفع القيود وكسر الكينونة ...ودحض الأساطير في براديها... لغط

 وضجيج...وأصوات تخمر متباهية ... تختال في هداها... خاض الجند في ظهر القرية معامع تصطرع ثاوية...ترافق في كرّها صدى الراجمات وثرى البدايات... وتحتمل في عودها رجع المدى في إقرارها...تلاحمت الفرسان... سقطت في الأقفار مجندلة... وارتفعت في غبار الطريق ملاحم النجدة المظفّرة...وارتقت في أرتال الفرسان المهج الغالية... يدفعون عن القرية غوائلها...ويدفعون بالغوغاء في أسفارها...بواسل يراودون الشهادة...تسكنهم النشوة المعتّقة... وترتفع على جنوبهم رايات المجد... ويركزون في الهضاب الملتهبة سواريها...يسجّلون ملاحم الثورة المظفّرة...قتال رهيب يشيب غلالة الوليد في مهاده...

انبلج الفجر...وارتفعت الهامات في شواهق اللحظة تداجي البوارق على تخومها وأكنافها...وانغلق الرجاء حسيرا يلطم الجبناء ...ويحثّ في إدبارهم...

تحيا فلسطين


الكاتب 

محمد سليماني.

12/10/2023‪



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هي أمي//الكاتب محمد العكري

هي أمي  سبب وجودي ورفيقتي ومن رسمت طريقي    في هامشي وحياتي  كم عانت لأجلي كم تعبت لتربيتي هي أمي  حبيبتي وَعُمْرِي إنها أنفاسي  وُلدتُ فرحم...