المسيرة
كان المسير طويلا...خطوات الجياد على الميادين تبعث في النفس النفير...حمحمتها أوتار تعزف برادي الرحيل...الغبار المبثوث من وقع حوافرها يترك على الأتربة المغتصبة قيعان... تتناثر ذراتها على الوجوه الملثّمة... قعقعة...وصليل...وأعراف الخيل تتماهى مختالة...تلوي أعنّتها في تماثل غريب... في الأغباش القانية احتملت اللحظة فجر الرهبة...وتمنطق فرسانها مشاوير الغروب... متأبّطين فراستهم المتوقّدة...وخيوط باهتة من شفق يتحيّن الظهور...
كانت الرحلة سرابا...مكسو بالنحيب...نقيع دمعها شلّال مستخفّ الحنين...
كانوا ثلاث...جاسوا خلال الديار..مكبّلين بالوعيد...يرفعون على سواري الكبوة تصاريح شرف مطعون...كظموا الغضاضة ...مسافحين الود...منزوعي الزناد...
استقبلهم قرص الشمس باهتا...استدارته متآمرة...تستوطن في الروح اليباب...وترسم على الفيافي الشاسعة أطياف من رماد...سنوات سريعة تمور في الذاكرة ...تترك على ضفافها وجع البِعاد...
كان فارسا مقداما...مزاحما..تسلل الظمأ يسكن القريحة المتيبّسة...انتحى صوب الوهاد الخالية...يطلب في الفلوات قطرة ماء دافقة...تكلّل بالفخر...وهو يزاحم الضفاف الناتئة...كيف للرفاق وقد افترقوا أن يترفّقوا مرّة ثانية...كانت التحديات ماثلة كالصخور الهائلة...تحجب الطوق...وتطرق الشعاب الغائمة...
كانت الثنايا كليلة...وعنّت له في الروح الشكوى...رست سفن الحقيقة تتجلّى عارية...وانتطى في غيّه سحائب الفورة الضارية.
الكاتب
محمد سليماني.
2/10/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق