الماء والملح
الجزء الأول/
في جوف الليل، هبت الريح الشرقية على دارنا.
بين هبتين، تدق أسراب الخفافيش على النوافذ، ولكن ليس الخوف هو الذي يدفعهم بهذه القوة نحو عالم البشر…
العاصفة تحمل رائحة آثار الملح،
كان أبي ينام بمتجره خوفا على سرقة دكانه… كان لا عائل لدينا أثناء الليل إلا أمي…فهي الرجل والحارس والمربية.
زئير الريح ولطمات أجنحة الطيور أرعبتنا، فاحتضنتنا أمنا وكأنها دجاجة ونحن الكتاكيت ...
تذكرت صغري، كنت أضع رأسي فوق فخذ والدتي الأيسر، وحينها تبدأ تحكي لي القصص الخيالية بينما كانت تتفحص شعري بحثا عن احتمال وجود قمل.
من بين القصص المختلفة، قصة الماء والملح !
تساءلت عنها طويلا؟
"من خان الماء والملح فقد بصره!"؛ "يأكلوا في دارك الماء والملح ومن بعد يهزوا أخبارك شبعانين".
هكذا بدأت أمي مناجاتها الفردية.
تنهدت ثم نصحت :
رغم ذلك، الباب المغلق بحكمة هو الذي يمكن تركه مفتوحا.
مَن فمها، عبارة "الماء والملح"؟ كانت عهدا وقسما بين الناس... في الماضي، كان يعمل لهما ألف حساب... تتمتم كلام غريب على رأسي وتمسح علي حتى لا أخاف.
هل يجب أن أثق بكل الأشخاص الذين أتوا وما زالوا أتون إلى منزلنا... أم لا! فضاؤنا مفتوح باستمرار... ماذا أقول عن إخوتي وأخواتي، عماتي وأعمامي وخالاتي وأخوالي وجميع الجيران والغرباء عابري السبيل والمتسولين والباعة المتجولين! هل في دمائهم غدر؟ لأنهم كلهم شربوا وأكلوا في منزلنا…
"أين ذهبت حرمة الملح؟
ماذا حدث للناس؟
الجواب يترقبكم في الحلقة القادمة...
الكاتب
عبدالفتاح الطياري.
23/10/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق