كنت بجوار شجرتي
الشتاء عائلة... كان جالسا أمام المدفئة يعبد لمعان النار وطقطقة خشب الموقد... والأفكار تأكل تلافيف دماغه.
كانت زوجته متناثرة على أريكتها... تعلق على البرنامج التلفزي "عالم النجوم"... انظر شعرها كيف كان مطليا... وكيف تلبس المشاركات، وكل جملة تنتهي بنعلة.
يحب الناس الإشارة إلى ظاهرة معينة، يمكنهم إلقاء اللوم عليها في كل مصائبهم من أجل تصفية حساباتهم.
الحقيقة دائما ما تكون أقل وضوحا، تختفي في التفاصيل...بطلي أصبح أبا عندما فقد والده.
قد يرى البعض هذا بمثابة التوازن الإلهي هو ليس من النوع الذي يتوارى وراء الله عندما تسير الأمور بشكل خاطئ، ومع ذلك في مثل هذه اللحظات التي تبدو فيها سخرية القدر قاسية جدا، يرى يد الله نجاة لشرح ألغازه.
كان من أوله ضد الزواج، ومع ذلك تزوج! وكان يشعر بأنه سيكون أبا مثاليا، وقد أضحى أكثر من ذلك!
رزقه القدر امرأة حكيمة وبيت أنيق، وها هو يحمد الله على خيره.
كان يومها الصباح مشرق والشتاء منهك، وضع كرسيه في الحديقة وأخذ يتحاكى مع شجرته العتيقة:
"يا زيتونتي... كنت الوحيدة وكنت تضللين عني، ومن عروقك ينعت شجيرات ومن الشجيرات بزغت جنيبات حتى بات شق من الحديقة غاب وخوفا من إتلافكم تحولت أوراقكم وثماركم إلى آلهات المكان ومعكم ولدت نظافة المحيط لتعش حضراتكن حسب توجهات رئيسة المنزل، السيدة الموقرة زوجتي في رفاهة وإطمئنان الورقة الساقطة جريمة؛ والثمرة التي تساقطت نميمة؛ أما العصافير إذا حلقت فهي عدوان غاز.
عم المنزل جميع المبيدات لتعيشوا أنتم في أمان، كنت يا شجرتي نزهة العشاق فأصبحت مصممة الفراق..."
وتعلقت زوجته برعاية الأحياء خوفا من الأوساخ والوباء... أصبحت مدمنة تقضي نهارها بين الفرش والمكنسة آلت الحياة إلى محكمة وقصاص...
يحدق إليها ثم يرى سيجارته تنفد... يطفئها ويذهب إلى المطبخ طالب فنجان قهوة، فجأه صراخ... "نظف قدميك، واغسل يديك، ولا تجلس بقوة على الأريكة قبل الاستحمام وتغيير ملابسك." خالها تحكي مع الأحفاد كان غبيا في ذلك الوقت أعمى بعشق المرأة التي تنهره الآن التنبيه كان موجها إليه... فكر للحظة... الانعتاق خير من الاستعباد... ولكن صوتا خفيا همس في مخه، "سوف تصبح أبا أنت، لا! الحمد لله." احتفظ به لنفسك، رد على صدى الأرواح.
كان يتخيل دائما أنه سيكون زوجا متسامحا وأبا متفهما بعد فوات الأوان، أدرك أنه كان مخطئا أخذ صفعاته وعباءته واضطر إلى العودة إلى الحديقة انتصب وكأنه يحيي العلم وينشد:
لقد قمت بتكسية حلتك الخاصة بي مثل اللقيط صديقتي شجرة الفرقان
ورغم ذاتي المتغيرة، لقد كنا من نفس الخشب ريفي قليل، خام قليلا ولا نفعل أي شيء باستثناء المزامير والآذان، كنت شجرة عيد الميلاد، الوحيد المخصص لي في كل أوان
بجوارك، عشت بسعادة لم يكن ينبغي لي أبدا أن أبتعد عنها...
بجوارك، عشت بسعادة لم يكن ينبغي لي أن أرفع عيني منها.
أنا رجل فقير، وأود أن يكون المزيد من الفرح...لقد رميت غليوني الخشبي القديم من أجلك في ذلك البركان وهو منشغل في ترتيله إذ سمع صوتا عابر الأفق...اخرس صوتك سيزعج الأحفاد...فهم أن الحب الخالص غير الاتجاه.
إنه مثل يوم من الإبتسامة اللامتناهية من الحنان اللامتناهي مع عناق لا نهاية له، إنه مثل يوم، سيرحل، مثل الفصول... يتغير مع الأجيال ... ويبني معسكرا جديدا... وتبقى أنت دون ربيع... وتبقى أنت خيال...صمد صمت ليتجنب عواصف الشتاء... ولكي لا تتحطم الشجرة.
الكاتب
عبدالفتاح الطياري.
16/10/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق