تَقْتَرِبُ مِنِي يد ُ الرَدَى
وكأنما الشاعر العراقي كريم رحمه الله كان يُرثي نفسَه حينما نَظمَ قصيدته الشهيرة : لا تشك ُ جرحا ً ..
تَهُد ُ فؤادي الآمالُ هَدا ً..
وتَفُتُّ صُلُوعِي الأزمان ُفَتَا ً..
وأعِد ُ العُمْر َالأيَام َعدَا ً..
وَتَنحِتُ ذِهْنِي اللَحَظات ُنَحتا ً..
وتذْكُرُنِي المنية ُ كلَ حين ٍ ..
تقول ُ لي أنتَ من ْ أريد ُ أنت َ..
أنام ُ الليلَ كلَه ُ في سُبَات ٍ!..
حتى إذا أتَاِني الموتُ انتبهتَ..
ولكم ْ خُدِعِت ُ بهذي الدُنيا..
حتى انقهرت ُ منها وحتَى ..
دَعَانِي الله صبراً وصِدْقا ً..
حتى أستجب ْ.. لو ْ أجبْت َ..
كمْ كنتُ في الدنيا محبوبا ً..
ليْتَ لي في الآخرة ِحُبا ًأصبت َ..
أُطيع ُ الله في كلِ وقت ٍ..
إلى ما نهيت ُ عنه انتهيت َ..
كما في كل ِ أمر ٍ ما عصيْت َ..
وائتمرت ُ بكل ِ أمر ٍ قدْ أمرتَ َ..
فيا ربِي إليْك َ الرُوح تْشْدُو ..
أعِدْنِي إليْك ربِي متَى بَعُدْتَ..
احمني من كلِ شيطانٍ رجيم ٍ..
من إنس ٍ وجن ٍ قد ْ ضُرِبْت َ..
أغوصُ في عمقِ قرآنك َ ..
وأهتدي بمعناه كل ما قرأتَ..
وأقتفي سبيلك َالمُستقيم َ..
وأهتدي طريقك َ وما ضللت َ..
فالله في قلبي . عقلي ووجداني ..
وأحمد ُ الله على ما اهتديْت َ..
كانتْ غُرْبَتِي صعباً وشجنا ً..
حزنا ً وقسوة ً كلما اغتربت َ..
أُحبك َ يا الله ما دُمتُ حيا ً..
ويبقى حفظك َ لي ما حييت َ..
صبرت ُ على جَوى ً وظُلْم ٍ..
طوال عمري كم ْ صبرت َ..
حتى نال صبري موقعاً ..
في الناسِ : قالوا عني فُزت َ..
فالصابرُ يُوفى أجرُه بلا حساب ٍ..
وفي الجنة يُقالُ له قد ْ سبقت َ..
فلا أحزن ُ على صبر ٍ صبرتَه ..
ولا أندم َ عنْ عمل ٍعمِلْت َ..
وبالقلم ِ أكتب ولا أحيد ُ..
عن التقوى والصدق ما كتبت َ..
لَبِسْت ُ ثوبَ الورع ِ دوما ً..
وخلعت ُ ثوبَ السوءِ ما لبست َ..
يعفو الله عن نسيان ٍ وسهو ٍ..
ولا يعفو جهلا ً ما جهِلت َ..
وعيْن ُ الله ترعاني دائما ً..
في قولي وقلمِي وما فهمت َ..
رفعت ُ هامتِي لله خاشعاً..
كلما ركعت َ وكم ْ سجدت َ..
أدِين ُ لربِي ما حييِت ُ..
على ما أجابني إذ ْ دعوت َ ..
وما يُغنيني نظم ُ القصيد ِ..
أو قصة ٍ .. أو مقال ٍ كتبت َ..
سأظَل ُ شاعرا ًوأظلُ أكتبُ ..
وأنهلُ من البحور ِ ما تأتَى ..
وغيْرِي بالمال بنى بيتَه ..
وأنا بنيْتُ لواء َ عِلْم ٍ إذْ رفعتَ..
شِرَاع ٌ ببحرِ التقوى رسوت َ..
وهذا مركِبَ تَقوَى إذْ ركبت َ..
فارس ٌ بلا جواد ٍ .. بحار ٌبلا –
– مرفأ ٍ وصلتُ لما أبحرتَ َ..
مَخَرْت ُ عُبَابَ بحر ٍ لُجي ِ..
صعب ٌ عليَ ما مخرت َ..
حججت ُ غير مرة ٍ من قبل ُ..
ليْتني كل عام ٍ قدْ فَعَلْت َ..
ربحتُ في هذي الدنا ما ربحت َ..
وخسرت ُ فيها ما خَسِرْت َ..
فما لي بالسعادة ِ في زمانِي ..
إلا حفظ الله لي إنْ عُصِمت َ..
وبعضُ أحلامي تحققَ ..
وأسعدُ مما تحققَ إنْ حلُمت َ..
سألتُ الله أن أهنأَ ويهنأ َ..
بالي وأُخْلِصُ لهُ إذ ْ دعوت َ..
أقولُ لأهلي لا أعرف ُ الظلم َ..
أبدا ً: لكمْ ولأبنائِي ما ظلمت َ..
ورغما ً عنِي بِقُوَة ٍ ظُلِمْت َ..
وإن ْ أعفو َعنهم إن ْ عفوت َ..
لَيْسَ لي إلا هُو ربا ًعادلاً..
يقضي بيْننا بالحقِ إن ْ لقْيْت َ..
آمنتُ به وحدَه سبحانه ُ..
وبغيره أبدا ً ما آمنت َ..
فأنا عبد ٌ لله ائتمرت َ..
بأوامِرِه ِ فائتمرت َوأطعت َ..
وإني صدقت ُ في الفعلِ والقولِ..
وحقا ً لله قد ْآمنت َ وصدقت َ..
وقد ْ كنتُ حنونا ً عطوفا ً..
وبالغالي والنفيس ما بَخِلْت َ..
فالبخلُ والقسوةُ صفة ٌ دميمة ٌ..
تُورثُ الإنسان َ بغضاً ومقتا ً..
فبالحبِ تسُرُ الدنيا جمالاً..
فتلقَى الحبَ فيها حيْثُ كنتَ..
وتعيشُ بين ْ الناس ِ كريما ً..
تجني منهم ما قدْ غَرَسْت َ..
وكلٌ منا يعملُ بأصلِه..
وأنا بأصلِي قدْ نشأْت َ..
فهذة الدنيا بكلِ ما فيها..
سَلِمْت َ منها إن ْ سَلِمْت َ..
فأنت َ فيها عشت َ ضيْفا ً..
لعلَك َ تسلَم ُ منها إن ْ سَلِمْت َ..
طَهَرْت ُ قلبِي منْ حُبِكَ حتى ..
كأنه قبل ذلك ما طهرْت َ..
وإنْ جهِلُوا عليَ أعرِضْ عنهم..
أقولُ أمنا َ. سلاما ً ما جَهِلْت َ..
فإني قد ْ رجوْت ُ الله خيْرا ً..
فأنت َ ربِي ماعبدتَ ما رجوتَ..
هذه الدنيا كنت َ فيها عُلُواً –
– وفخراً أقول لي كُنتَ أنت َ..
هذه لمسةُ عتاب ٍ ربما زِدْت َ..
والصفح ُ والعفو ُ لي إذ ْ أطَلت َ..
الشاعرُ يُرْثِي نفسَه(تَقْتَرِبُ مِنِي يد ُ الرَدَى)، شعر عمودي، القافية التاء(ت).
الشاعر
حسين نصرالدين.
1.9.2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق