نبض نخلة: مثل العادة//الكاتب مصطفى محمد كبار

الأحد، 6 أغسطس 2023

مثل العادة//الكاتب مصطفى محمد كبار

 مثل العادة


دون أن أرتب سرير 

نومي 

بكل صباح  

أنا أخرج من البيت  

كعادتي   

و دون أن أشرب قهوتي  

أو أقرأ عناوين الصحف 

لأطمئن 

على المكان الحزين

نحو الغياب يشدني فراغٌ

قديم

يتركني في النسيان

فهناك عند نافذة حلمي

تجلس حمامة نادمة

حزينة

مازلتُ مشغولة بفكرة 

الوحي القديم

تسأل نفسها هل أدون الكلمات

على خيوط الشمس 

الأولى

أم أسيرُ بها لوقتٍ

آخر

كي ينبت على صدرها

زهرة الياسمين 

ثم أتركها على العجل و هي 

حائرة بخيبتها

فأمشي بشارعٍ طويلٍ  

طويل

مع المارة المسرعين المنشغلين

بالعبث

و قدماي ثقيلة الخطى نحو

جنون نهاري

أمضي كشارب الخمر  

الثمل 

الهارب من عتمة الليل 

فأنا تائهٌ بسكرتي  

تارةً 

تراني أتمايل لليمين  

و تارةً أتمايل للشمال

فلا جدارٍ بهذا الزحام 

يسند إرتجالي 

و لا هذا الظل المكسور  

بقي يحملني

لأعبر معه وجع الحكاية

نحو النجاة

فحين ولدتُ حجراً  

قبل موعد الليل  

بكيت ْ

و لم أحفظ حروف أسمي  

جيداٌ

و نسيت نطق الكلمات من

وجعي

كم أدهشني حينئذٍ نوح  

بكائي

دون أن أنقذ نفسي من

الهذايان  

بلحظة الهزيمة و سقوطي

أحاول دائماً أن أنجو

من رحم ماضٍ منصرم

شديد القسوة

تغربت ُ باكراً من موطن

الأباء

نسيت أن أبكي على خيبة 

الأم  

بسفر ولدها المهاجر

فلبستُ ثوب العناء بأُولى  

البدايات

و قلتُ للحياة خُذِيني إليكِ

يا أمي

علميني كيف أسيرُ على 

الأرض حافياً

و كيف أُرتبُ تفاصيل  

هذا العمر

علميني كيف أحلم و أملك باب

المنام

لأغفو قليلاً على دروب  

السفر 

لأرتاح من هذا المسير 

الطويل

فلقد ماتت كل الأحلام

مفرداتي 

و فراشاتي التي رقصت بجسدي

و هي مقتولة

علميني كيف أن أكتب  

هزيمتي 

على جدار البؤس و الشقاء 

و كيف أحيا بوصيتي للنجاة  

قبل قدوم الموت

كنتُ هناك أدندن لغتي بلا  

وعي

كان الولدُ هناك يبكي  

عندما ضيعَ صورة والده 

المتوفي

مالذي حصل لنا بهذا الزمان

المر

لما لا نستطيع أن نحيا

قليلاً

فلا شيء كان يزعجني في 

ذاك الحلم البعيد

لم يكن لي قبل ولادتي

معناً بصورة المرآة 

الكاذبة

كالسراب كنتُ هناك ألهو

مع النمل المسافر

حين حملني الريح و عدتُ  

بخيبتي  

مرةً أخرى لنفس الوجع

القديم  

يوما ارتمت بنجمةٍ 

سوداء

و استكمل نوح وجعي

فالهزيمةُ ملكي أنا  

وحدي  

و هذا الجرح هو تعب 

الخاسرين

فهل أنا حقاً أنا  

هل مازلت موجوداً من بين

الأحياء الحالمين 

بماذا حلمتِ حين حضنتني

يا أيتها الحياة 

لحظة التقينا بخانة الساقطين

و قلتِ لي كن

فأمشي في ضباب المنام  

واقفاً

بين دخان حلمي و إحتراقي 

و أشكو من زعزعة

الضياع

فلا الأمسُ يمضي من  

وجعي

كي ينساني لأستريح

و لا الغد هو مبشرٌ لي بوجه

الغسق الشاحب

فمازلتُ غير مكتمل الأوصاف

و لم أرث من الحياة  

إلا فوضوية البقاء

و ينقصني شيء ما في الخيال

لأحيا به

فكلما أحسستُ بالفراغ العاطفي

إنكسرت أكثر

ضجرٌ بمر الوقت يسرقني

من الصباح 

و ضجرٌ في المساء يشدني إلى  

حيث الصمت الجارح

ثم أعود بآخر النهار  

أفتش بين هذا الأرق  

فلا أجد سوى زجاجة الخمر 

بصحبتي

على الطريق بجانبي أكياس  

القمامة مبعثرة 

تروي للقط الجائع سيرة 

كذب العدالة

فأنا ضائع بين القصيدة

و بين ذكرياتي

و دائماً أشعر بالقلق و الخوف

من الآتي المقتول

كان خوفي بالأمس مدمرٌ

للأيام   

حينما مشى النملُ بشكل

قافلة 

هرباً من دعسة سيارةُ

سياسي منافق

و من قاتلٍ قديم مأجور

يشتهي الموت

كان هناك خلف جدران 

الذكريات 

لي قبور أمواتي تحن لي  

ببعدها و تسأل ؟

تُرى هل سأعود ثانيةً  

إليها

و ل بيتي القديم المهجور

تبعثرت الدورب و شهق 

الحنين القاتل

تلاشت كل النظرات الحزينة

التي ذبلتني بالمنفى 

قهراً

يا أيها العمر البائس إلى

أين تمضي بي

لما تبعثرني على دروب الغياب

هكذا

لماذا كبرتني في الهلاك بهذا

الشكل المميت

لا

لا  

و ألف لا لغربتي لحسرتي

لكسرتي

لا لهذا المنفى الطويل 

بجسدي

فلما أتحجرُ من التزمر  

فالغيم دوماً يجذبني بلون

الضباب

لكنه لا يحملني لذاك المنتظر

البعيد

لأعيد لذاتي المكسور 

ذاك الشيء المفقود

لا أدري ما هو الشيء الذي

يخنقني

لا أدري كم مرةٍ خاب

ظني

حينما أدركتُ بأني أتعذب 

بزمن الشياطين

و لا حياة لي ههنا  

و لا هناك

لا وطن لي و لا أرض 

كي أدافع عنه و  

أموت

لا ما هكذا يكون شكل 

الحياة 

تذكرت تاريخ القدامى

الراحلين 

دون أن أتذكر تاريخ  

وفاتي 

و نسيت بأن ذاك المقتول  

الغريب بسفر السنين 

هو أنا

فأنا المتوفي منذ الأزل

كالحجر

فأحلم بصورة السراب

و أصدقها

دون أن أعتذر من نفسي 

و من ذكرياتي 

فالقصيدة دائماً بين يدي

ينقصها الترتيب

و شرح ٌ طويل بالتفسير 

و المعنى بمخيلتي هو شاقٌ  

و هابط ٌ للسقوط  

فعبثٌ كبير في القصيدة 

بجنون  

شاعرٍ تافه محبط   

الفكر


الكاتب 

مصطفى محمد كبار 

  ٢٠٢٣/٨/٧



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رفقا بالقوارير// الكاتبة إكرام التميمي.

رفقا بالقوارير  واستوصوا بالنساء خيرا ..  هذا قول رسولنا وحبينا  احجلالا لمكانتها العالية  فكفاكم استعلاء أيها الرجال ..   كفاكم قهرا للنساء...