لا مجال للمقارنة//الكاتب عبدالله دناور

 لا مجال للمقارنة

البلاغة في الإيجاز هذا شيء مؤكد ويقال كلما زاد المعنى ضاقت العبارة وهنا تصبح العبارة قنديلا يشع بمعانيه وإيحاءاته وهل هناك أبلغ من الإيجاز في كتاب ربنا المعجز

يقول جلّ جلاله _ وندخلهم ظلا ظليلا _ العبارة فاصلة لإحدى الآيات الكريمة وتذييل لها ولا شكّ أن فيها مبالغة ظلّ ظليل وفيها أيضا تأكيد فالعرب إذا أرادت أن تؤكد شيئا تأتي بالتاكيد من جنس الشيء تقول العرب _ ليل أليل _ أي شديد الظلام وهنا ظل ظليل فيكيف يكون الظلّ ظليلا ..هذا ما يعرفه السائر في صحراء ومرّ بواحة يستظل أشجارها فالغصون تحمل أوراقا والأوراق بعضها فوق بعض وبهذا تكون كل ورقة في ظل أخرى ولخفة الأوراق تحركها أقلّ نسمة وهكذا فالقائل في ظل ظليل وهواء منعش ومن هنا جاءت فكرة السقف الثاني فوق السقف الأول للدور الأخير في الأبنية العالية كونه غير محمي ومعرض للشمس أما الأدوار السفلية فكل واحد منها محمي بالذي فوقه..انظر كم للآية من إيحاءات كيف لا وهو كلام رب العالمين ووعده هذا للمؤمنين في جنته الخلد

أما كلام البشر فقد قال أحد الشعراء يصف قيلولته في واد

وقانا لفحة الرمضاء واد

سقاه مضاعف الغيث العميم

نزلنا دوحه فحنا علينا

حنو المرضعات على الفطيم

وأرشفنا على ظمإ زلالا

ألذّ من المدامة للنديم

يصدّ الشمس أنّى واجهتنا

فيحجبها ويأذن للنسيم

الشاعر في نفس الأجواء من الظلال بعد أن أوى للدوح وحنا عليه بظله حنو الأم على رضيعها و شرب من مائه الصافي كالخمرة و حجب الشمس عنه وانتعش بنسيمه

والأبيات على جمالها وروعتها وموسيقاها وسلاستها وديباجتها هي حقا منعشة للنفس وتعكس ما في نفس الشاعر من التلذذ بهذه الأويقات التي عاشها الشاعر في ظل الخميل غير أن المعنى والوصف استهلك أكثر من بيت شعري وتعددت الأبيات الشعرية ليستوفي وصفه ويشعرنا بسروره وانشراحه

ولهذا سأترك لكم الإستمتاع بإعادة قراءة الآية والأبيات الشعرية لاكتشاف الأجمل والأبدع وبالتأكيد ستقولون برغم جمال الأبيات الشعرية فلا مجال للمقارنة بينها وكلام ربنا الموجز المعجز الموحي بأقل الكلمات..فسبحان من هذا كلامه

الكاتب 

عبدالله دناور ١١/٨/٢٠٢٣