نبض نخلة: وكان اللقاء//الكاتب محمد سليماني

الأحد، 1 يناير 2023

وكان اللقاء//الكاتب محمد سليماني

 وكان اللقاء


في زحمة الطرق الملتوية...وقف في المحطّة يراقب ضجيج الحياة...يرسم في أقفيتها إزدحام الخواطر وتشتتها..يضخّ في شرايينه أمل جديد ...قد يأتيه حاسر الرأس...يضحك متماهيا...

تجلس وحيدة في مقعدها التوأم...في غرفة القطار...ترسل النظر في المدى البعيد...تمضغ حزنها...هدر القطار...وإرتفعت طقطقة غليظة رتيبة على سكتّه المشروخة الجاثمة...كان المقعد حذوها خاليا...إستأذن وإرتمى خائرا...رطوبة عفنة...أنفاس مهدودة ...تركض... تبحث عن أودها...صرير الأبواب المثلوم  يشحن البلوى...

أغمضت عينيها ...تطرد كوابيسها...تبحث عن غفوتها عن أشتات تستجمعها.

كان والدها تاجرا...يجوب الأزمنة...يستطرق الثنايا ...يطرق أبوابها الموصدة.

إسترق النظر إليها... نحو شحوب في وجنتها...تائهة في علياءها...تطحن الذكرى...قاطع التذاكر...قطع عنهما  السلوى... تكتكة خفيفة منه  جعلها تستعيد وعيها...رمقته بنظرة ناعمة...

إغترفا من البرهة الأخيرة ...خلوة ساكنة...كانت مدرّسة...مطلّقة .لطمت الحياة جذوتها...أسكرته النشوى...أي رواية يتمنّاها أكثر جدوى...من إنها قد إنفصلت عن قرين عديم الجدوى...

أعطاها عنوان سكناه...لعل الأيام تترى...ترمّم بعض أشتاتها...وتدحض عنها البلوى.

نزل متثاقلا في المحطة الأخرى...تركها تجتّر الذكرى...وتستشرف من سهاد الفرصة ...شجرة تورق فتنة..تسكن أسوارها الموصدة...وهمسة وجد...ورائحة مطر في التلّة المقفرة.

عجب لأمره...كيف تمادى في غباءه...ولم يسألها عن إسمها...وكان البوح شاديا...حاسما...يقسّم المرحلة...

شاب رأسه على الأرصفة البعيدة ...تكاسلت أيامه عن نيله المنى...طاف المدن الملبّدة...يجوب ٱفاقها ...يسأل الأطيار في أوكارها...والأسود والفرائس عن حمامة تائهة تسكن المدى...يعاند مشاويرها...وجمالها...وعذوبة في همساتها...

هام حزينا...و تباعدت أيامها...طوى الزمان أخبارها...أضحى ذكرها خيط رقيق في غمرة أحزانه...شدّه الحنين نحوها... خيوطها إهترأت...وتشتتت في المدى ملاحتها...واضحت سطرا  حزينا يؤرخ خيبتها..

إرتسم في القفر البعيد صقيعا داجيا...وإختمرت في غفوته ملامحها الجميلة...تأتيه متماهية...فاتنة...ترسم على سكينتها عبقا أخّاذا نافذا...

رٱها في الحجب العالية...تتهادى قادمة...تبتسم ضاحكة...

لامسته بفتنتها الطاغية...

لاح في الأفق البعيد...عبق أسحارها...وتدفّقت الدماء محمومة...تغالب أشواقها...إرتمت في أعماقه...تراود أغوارها.

ضجّة بالبيت...أجّلت النعومة الطافحة...وجهه متعرّق...هذيانه باديا..

كان حلمه جميلا...وتوقه لها ساكنا...ضاعت في تلافيف البوح...وإغترف من فتنتها قطع من ليل ضافية...


الكاتب 

محمد سليماني

1.1.2023



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رفقا بالقوارير// الكاتبة إكرام التميمي.

رفقا بالقوارير  واستوصوا بالنساء خيرا ..  هذا قول رسولنا وحبينا  احجلالا لمكانتها العالية  فكفاكم استعلاء أيها الرجال ..   كفاكم قهرا للنساء...