تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ
كَانَ اللَّيْلُ يخيم عَلى أَغْصَانِ الْأَشْجَارِ تَحْت وَطْأَةِ الْبَرْدِ الَّذِي يَنْسَاب مِنْ بَيْنِ الْمَمَرَّات وَالْأَزِقَّة
يَدَاي ترتجف وَعَقْلِي كغمامة سَوْدَاء كُلَّمَا هَمَمْت بنحت ذكرياتي عَلى الْوَرَقِ لَا أَسْتَطِيعُ
أحتاجها
نَعَم أحتاجها
أحتاج ظِلِّهَا كَي أعبر حجْرةَ الظَّلامِ فِي عَقْلِي
أحتاجها كَي يَنْبُت النَّهَارُ مِنْ رَحِمَ لَيْلِي
ويمتلئ الْكَلَام بِالْمَعْنَى لَكِنْ دُونَ جَدْوَى
كَانَ عَلِيّ أَنْ لَا أُطِيل الْوُقُوف
وَمُنْذ ذَهَابِك وَأَنَا أَسِيرُ فِي مَكَانِي
كمعزوفة مُوسِيقِيَّةٍ مَسْلُوبَة الْإِيقَاع
وَهَا أَنَا أجلس عَلَى نَفْسِ الْمَقْعَد
وأجدل خُيُوط اللَّيْلِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّبَّاح وَلَا تأتين
أَسْمَع صَدَى صَوْتَك وَأتَّبَعَه هُنَاك
فِي الطَّرِيقِ إلَى السَّمَاءِ
أَنَا الْحَاضِر بملامح الْمَاضِي
الْمَاضِي الَّذِي يرسمني خَرِيفًا
الْمَاضِي الَّذِي يسكنني رحيلا
أَنَا الْمَقَامِ بَيْنَ مَاضٍ لَمْ يَكْتَمِل
مَاض يَشُدُّنِي إلَى الْوَرَاءِ
وَحَاضِرٍ كَالسَّرَاب كُلَّمَا اقْتَرَبَت مِنْه فَرَّ هَارِبًا
مُنْذ رحيلك أسرج اللَّيْل
أشعل الْكَلِمَات وأجس نَبْض حُرُوفِهَا
تَنْطِق اسْمك وَصَدى الصَّوْت يَعْبَثُ فِي النَّافِذَةِ ويفتحها مِنْ جَدِيدٍ
أَرَى مِنْ خِلَالِهَا غَيْمة رحيلك
مَا زَالَتْ تُزَفّ الْأَرْض دُمُوعًا
أَنْسَى مَنْ أَنَا وَمَنْ أَكُون
أَذْكُر فَقَط السَّمَاء مكللة بِالنُّجُوم
وَالْقَمَر يَعْكِس الضوء عَلَى لَيْل الْبَحْر
وَأَنَا تَحْتَ نوافذك أتهجد وَمَا كُنْتُ أَدْرِي أَن الْغَيْب يواعدني بهاجس الْغُيَّاب
لَن تَعُود . .
لَنْ أَعُودَ . .
هِي مَضَت إلَى السَّمَاءِ
وَأَنَا لَا أَعْرِفُ دليل الصَّحْرَاءِ فِي دَاخِلِي كَي أَمْضِي وَلَا أَعْرِف الصَّحْرَاء
هاجِس فِي دَاخِلِي قَالَ لِي اكتب
كَي تَسْتَرِيحَ مِنْ عَنَاء الْمَسَافَة
مِنْ بَرْدٍ اللهفة بلا جَدْوَى
فَقُلْتُ لَهُ ينقصني الْكَلَام
قَالَ لِي ضَع لَيْلك فِي يَدِي
واقتبس مِنْ شَمْسٍ النَّهَار كَلَامًا
واذهب حَيْث تَسْتَرِيح دُمُوعك
وتروي أَرْضًا قَدْ جَفَّ بريقها مِن الأَحْزَان
قَد ذَرَفَت الدموع عَلَى أَوْرَاقِي كَي يَسْتَرِيح الْكَلَام
وَتَسْتَرِيح ذكرياتي مِن عَنَاء مخيلتي
وضعَت قَلَمِي عَلَى الْوَرَقِ
مَسَحت بدموعي غَيْم قَلْبِي
وَنَظَرْت إلَى السَّمَاءِ
تمتمت بِدَعَوَات لَهَا
أمسكت بقلمي مِنْ جَدِيدٍ
وَأَكْمَلْت حكايتنا
وَأَنَا أودعها: سَلَامًا
سَلَامًا لليلٍ حِفْظ ملامحها
سَلَامًا لنوافذ نالَت مِن نظراتها
سَلَامًا لِقَصِيدَة كُتِبَت وَمَاتَت مَعَانِيهَا
هِي لَن تَعُودَ كَمَا ذهبت
وَأَنَا لَنْ أَعُودَ إلى سَرَابٍ
نثرية شعرية
الكاتبة
منال مرعي
1.1.2022
رووعة🌺
ردحذف