نبض نخلة: وفاء كلب//الكاتب محمد سليماني

السبت، 31 ديسمبر 2022

وفاء كلب//الكاتب محمد سليماني

 وفاء كلب


تنتصر الفطرة الإنسانية دائما...لأنها روح الله الباقية...التي تدحر الظلام....وتردم الوحل والرماد..وتستنهض من قمقم الخيانة والغدر شواهق الوفاء والوفادة...والكرم...وتتصاعد فوق ركام الأنانية الطاغية جنوبا متٱمرة...تتخذها ركائز للإنطلاق ...والتنمّر والإنصهار.

صباح بارد...تربة رخوة...حمل سنان كلبه ...قاصدا الترعة الخضراء ...ذرات الندى تنسكب وئيدة ...تدغدغ الحوّاس...ترتطم في إنحدارها بمعطفه الغليظ..تحفّز الكلب منتشيّا...يسدل الستار عن شوق مستديم...

كشف الضو الظنين بعض أسماك البحيرة التي تحتمي بالطحالب الدافئة...زرقاء...وصفراء...متسابقة ...تكتنف أسرابها بعض الفقاقيع الجميلة الغامرة.

صنّارة طويلة ...معقوفة نحو بداياتها...تنشب مخالبها في بطن الماء الهادئ....تشرأب لها أنظار الصديقين...ضحكات مكبوتة ...وسجال راق... وبوح مكتوم.

تعلّق به منذ نعومة أظافره...يفتتن اللحظة ...يذكر عشقه المقيم في اللواعج ...والسرائر الزاخرة...

شبح الغمامة يسكن فؤاده...يستشير كلبه بإشارة ظاهرة...يداعب الكلب ميسرته في إشارة لتجاوبه...كان الجو مرشّحا للعاصفة...دواوير وغبار...وزوبعة قادمة...تتمهّل ركابها.

عوى الكلب كئيبا يستشعر البداية المهرولة على حبيبات رمل شاردة....نبش التراب مستنكرا ...يعوي...حسرته بادية.

كلب جميل الملامح...طويل القامة عريضها...مشدود القوام...تظهر على محيّاه الصحوة...مستنفر البنيان..لا يفارق صديقه لحظة...

كانت التربة رخوة...ناعمة ...تستنزف الحركة...تشدّه نحو العودة...كان سنان يرفع صنّارته بشهوة...وتوقه محكوم بالسطوة...

فجأة تسمّر في مكانه...كمن عاجلته لطمة...فغر فاه مندهشا...تشبّث بالأرض المنزلقة بقوّة وتصميم...صنارته ثقيلة...وصيده وافرا...همس لكلبه أن لا يستعجل المرحلة...ربت على كتفه محدثا ضجّة...وكلبه منفطر قلبه لا يصدر حركة.

غالبه المدّ...وارتسمت على فمه الدهشه...أحس فجأة بضجّة خلفه...ووقع أقدام تخطو حذرة...وهبهبة مكتومة...تتدفّق هادئة...

نشب أنيابه في دابر معطفه الأسود...يحذر الغفلة...يشدّه للخلف بقوته المحتملة...يصدر عواءا خفيفا...يشجع سنان على إكمال مشواره في المصيدة..

كانت سمكة عملاقة...زعانفها حمراء فاتنة...عيناها برّاقتان ...ترفضان المغادرة...

إلتفت لكلبه مباركا...يباهي به الترعة الساكنة...يحدّثه بهمس وشجن...ويبثّه حبّه الكبير ويحضّه على المواصلة.


الكاتب 

محمد سليماني

31.12.2022



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رفقا بالقوارير// الكاتبة إكرام التميمي.

رفقا بالقوارير  واستوصوا بالنساء خيرا ..  هذا قول رسولنا وحبينا  احجلالا لمكانتها العالية  فكفاكم استعلاء أيها الرجال ..   كفاكم قهرا للنساء...