...وإفترقا
إلتقاها ذات مساء ...في حديقة المدينة الواسعة...حيث تنساب النسمات رقراقة باردة...شذى الأزهار المتمرّدة يعطّر أسوارها...إلتمس مقعدا مقابلا ...حيث تهجع البهجة حاسرة...تجلس بوقار لافت...دافقة فاتنة...جاذبيتها طاغية..تتدلّى شراشف مظلّتها ناعمة ...تنساب على أكتافها جدائل مبرومة حالكة...رماها بسهم قان...أقضّ مضجعها...شقّ كبرياءها.إبتسمت حياءا...وأشهرت عجلتها...تحاول إستثمار خلوتها...تغازل حمم تصهد سريرتها...
كانت الشقوق بادية...والخلجات تطمر رغبتها.
سار...أسيرا في رحاب موكبها...صاغرا ...أعزلا إلا من بعض شعر ...وقوافي محتملة..دكّت حصونه المرمّمة..إغترفا البرهة...يروادان السكينة المحتبسة..طفقا يصرعان المرحلة...
تزوّجا سريعا...كان البوح ثائرا متحفّزا...هاما في جنان الخضرة المتورّدة...رسائل بوح مكتومة...أختامها متفحّمة.كرعا من رحيق الغيمة حتى إرتويا...ولكن...
سرعان ما إرتطمت الشواهق بإسفلت الواقع المخذول..وإنتكست الرايات العالية في سواريها...وترهّل الشوق ذاويا...وطافت في سكون اللحظة الطامّة ساخطة...وتسلّل الضجر سريعا نحو الأفئدة المتوهّجة..وإرتخت الجذوع النخرة...تغرق السلوى في لحائف الندم...وشروخ تفسد الكينونة المكتوية...وإنصرع الهوى في فجوج الإهمال والتشظّي...وإنتفت المودّة الزاخرة...
وفي ضجيج القيود...تتوالى الخيبات مترادفة...تصطفّ على مضامير الإنكسار وتلافيفها...تصطاد الخيبة...وتصادر المسألة.
إختلاف الطبائع...وشقوق في أغوارها...كالصقيع يراكم أطوارها ..يبعث في النفس أطلالا وخرائبا..
حاول في خضمّ السهاد...ترميم الشقوق في أسوار البرهة الماثلة...وإنتقى من ذخائر الشوق مكامن ثاوية...وحاولت تجفيف جداول جارية...
بدا الرجوع الى الوراء أقرب..والشتيمة ضالعة...ضغينة تطغى في الرفوف...والذاكرة تلوك البلوى..تمضع في الأسحار المتورّدة رحيق الغيمة الهاربة.
وإفترقا...جفّت ينابيع الوصال...وإرتطمت بالأنا الغليظة الشاهقة..إقتربا وئيدا نحو الصرخة الداجية..التي إستمطرت خيبة أخرى...تراصّ البوح منقوعا في أدنان الكبوة ...وأشهرت سهام الخديعة الكبرى.
تناسلت الخيبة...وأسقطت على ضفافها طفولة ممزّقة...مطعونة الرجاء ...دامعة ...متقيّحة سافرة...كان طفلا مثلوما ...متروكا للنزوة العابرة...
دفع القساوة في أغواره...وإبتلع الكدمات وإغترف الخيبة...ودفع من دمائه مشاوير ضائعة
محمد سليماني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق