نبض نخلة: الفراق//الكاتب محمد سليماني

الاثنين، 26 ديسمبر 2022

الفراق//الكاتب محمد سليماني

 الفراق


فراق أبدي يستوحش النفوس المسكونة بالضجيج والغبار...ترتحل نحو الٱفاق اللولبية الغائمة...تحارب الصقيع الداجي...المتمهّل في إنسيابه..

تنتكس الرايات العالية ذات مساء...تغلّف المكان بلحائف الرحيل...وتماطل الأمنيات الشاهقة التي تزدحم با الخواطر والحنايا...

اصطلى بحرّ الشمس الملتهبة...يقتفي أثارها...ذرات رمل هاربة تلطم وجنته...أثار القوافل مرسوم على الخرائط المكبّلة...مسارات من شجن ٱبق...وركام من قلق مستطير...يبقر الفؤاد ...ويدحض الأمل الذاوي المتدثّر بالكينونة الفاترة...

لاح له في السهوب المقفرة...صدى هسهسات متعثّرة...وأصوات مكتومة ...تلامس الخفايا المتورّطة في مسارب الظنون..إنها حبيبته..

حملوها مصفدة...مشروخة البنيان...تسكن العبرات أماقها...تخونها العبارة الثائرة...كمّموها تحت جنح الظلام...ترسانة من عسكر مدجّجون...يعبرون الفيافي الضنكة...وينهجون أشواك الوضيعة ...ينجذبون في هراءهم لهزائم جديدة محتملة..

غربان الوقيعة يسطرّون دفاترهم البالية...يلطمون وحدتها.

و تدبّ الفظاظة دبيبا مريبا بين خطواتهم و غبار كثيب يتصاعد في السماء..

شوقه لها مرزوع في الجدران المتٱكلة...في ضفاف الأفئدة المزدانة بالفرح المكبوت...يرتفع شحيحا ...يلمس المهجة المنفطرة.

يقتفي اثرها... دواوير من رمل مشؤوم تطمس بداهته...تغرقه في صرخات متسربلة بالشوق واليباب..همس وبكاء وعويل..

تتسع  الفجوات بين الأراضين...وتكبر ...وتطوّق أغوار في أفلاكها.....وضاع في البيداء نحيب ممزّق حزين..

جمالها صارخ...تنهدّاتها في حلكة الليل العقيم...تهزّ هودجها الكئيب...تمرق عيدانه متشابكة...مطرّزة بالشراشف...والأوبار واكياس الشعير...

مازال المدى يتآكل...وتركل اللحظة أخواتها...ترقص الضجة متآمرة تطعن أسوار أغوارها..

مازال الطوفان يذرع الأمكنة في شذاها...يستنزف مشاويرها البعيدة...يعمّق كبوتها..

اقتحم البرهة  في الفجر المشعّ ...يطرق أبوابها...يشحن بوحها وجمالها ...يحتكم في خلوتها لشذى رحيقها...وفتنتها.

أشرق الصباح على الأكمات الغابرة...وبزغت الفتنة طاغية ..تشحن أسنّتها...وترسم على الهضاب همسات الشجن والحنين...وشظى الفراق.

سهم اختار الغيمة السابحة...التي تستمطر قطرات العسل..في ضفافها...ومرق مروقا فاجعا...يسقط أوراقها...وقطرات ندى ساحرة..تلثم جبينها....سالت الدماء أنهارا تروي الكينونة الظمأى الشاحبة...وتغدق السكينة على مدينتها...


الكاتب 

محمد سليماني

27.12.2022



هناك تعليق واحد:

شوق وحنين//الكاتبة نجاح الشرقاوى

 شوق وحنين    يا نسمةَ الريحِ في ليلِ السكونِ  بالشوق تحملُ ريحانة الياسمينِ  أرسلتُ للحبِّ أسمى الدُعاء لعلَّ الوصل إليه يومًا يكونُ يا ط...