الزنزانة
من كوى الأبواب الغليظة الشاهقة...تحتبس الأمنيات خلف قطع من ليل بهيم... وتقترب نحو المنايا المتربّصة.....تعترك اللحظات الحائرة...وتغرق في قلقها السرمدي المظلم...تناجي دياجير الغبار والوحل والأوهام..
يقف على أبوابها الخرساء حارس عبوس...مشوّش الملامح مصهود المحيّا...غليظ المنكبين...مشروخ البنيان...يستطرق الظلام...ويلامس الشتيمة ...يسلك مناحي السبل الغامضة...يشدّ بصبر مستطير بطنه المهلوعة...المسكوبة نحو أقدامه الهزيلة...بإصرار محموم...يراقب الكوّة بين الفينة والأخرى...يرقب الظلام الداجي...والدخان الموبوء الذي يتسلّل من حجرات صخرية مقرورة البنيان...مغروسة في بطن الجحيم...تنتابه صرعات من توق مثلوم...
لاح له من خلف الدواوير المعتمة رجل بأطمار بالية...يشقّ المتاهة...ويصطبغ بالطين والتراب المصهور...يشيح بوجهه على الأبواب الموصدة...ويضاهي في إختلاجاته ثور مذبوح.
أصاغ السمع في أفق الغرفة المسكونة باليباب...صرير باب غليظ...ووقع سلاسل وأصفاد...ونتوءات بوح...وسجايا معلّقة في جداريات الرحيل...
خربشات مكتوبة بأنفاس حرّى...تشحن اللحظة الدافقة...وتقبر بين حناياها ضفاف محنة ضافية...
جدار جيري سامق...وقصّة دامعة ...طفولة طفل خجول...شذى الفجر يحرّكه نحو إنهاء المرحلة المطموسة الخائرة...ويحثّه للعبور نحو الضفّة النائية...مشاوير الغربة...وبرادي الصحوة الصادمة...تغرقه في أتون النشوة الغابرة...في أحضان المتعة السافرة...
كان بوحها مشدودا...نحو النهاية وكان توقه محمولا على البداية...
الكاتب
محمد سليماني.
30.11.2022
رووعة🌺
ردحذف