( وداع جارتي ) كان لي جارة ستينية مكتنزة، بيضاء بخدود
وردية كالاطفال، هادئة بإبتسامة لا تفارق محياها إن جلست معها لا بد أن تصيبك عدوى الهدوء ولا بد أن تشعر بسكينة وسلام غريبين.
في يوم الرحيل.. وأنا التي اعتادت الترحال وفي كل مكان وحي وبيت كان لي ما لي من قصص وروايات.
ذهبت إليها لأودعها.. تقدمت إليها ولمحت حزناً مختبأ خلف دموع تسيل كالسواقي وابتسامة هذه المرة ابتلت بالعبرات
تقدمت إليها بلا دموع، بلا تعابير كيف لا وقد عشت هذا المشهد عشرات المرات.
لم تتكلم، احتضنتني نظراتها وارتجاف شفاهها، أمسكت وجهي الشاحب بين راحتيها الدافئتين ولثمت جبهتي بقبلة حارة.. حارة جداً أحرقتني فتحت بوابة الدمع على مصراعيها وفتحت المدى للصوت ليخترق الروح ويخرج من صدري كالسكين.
استدرت وبالكاد تحملني قدمي لاختبئ وراء شجرة الكرز تلك، جثوت على قدمي أقلب التراب وأبكي غير آبهة بمن يرى ويسمع، أقلب التراب
وكأنني زرعت قطعة من قلبي هناك.
من قال أن للراحلين قبراً واحداً؟
هناك وتحت شجرة الكرز زرعت وردة تشبه أمي
رويتها بآخر ما تبقى في مقلتي من دمع.
الكاتبة
ابتسام حمود
4.8.2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق