مسابقة_اقرؤوا_لتكتبوا
التحدي_الأول: أدب البحار
عنوان_القصة:وداع الروح
وداع الروح
كيف للحزن والفرح أن يمتزجان !!؟
حدث في قريةٍ تُعانقُ ساحلَ البحر
في سوريا .
يرتزقُ أهلها من صيدِ السمك وزراعةِ الحمضيات , و العملِ في المطاعمِ الشعبيةِ , كذلك سفر بعض الشباب بحراً للعمل وتأمينِ الحياة .
أهلُها طيبون صابرون !
بينهم عاش الشاب أحمد يتيماً ودَّعَ أباهُ في السادسةِ من عُمره وأختُه رشا لم تكمل عامها الأول ! احتضنتهما أمُّ أحمد أباً وأمَّاَ لتأمينِ حياتِهما .
حين قرَّرَ أحمد مساعدةَ أمّه كان قد حصلَ على شهادةِ التاسع .
فعمِلَ نادلاً في أحدِ مطاعمِ القريةِ يجلسُ شاردَ الذهنِ أمامَ البحر ! حالماً بالسفرِ كمُعظمِ شباب القرية
كان حلمُه نسيجاً من رغبته في تأمينِ حياته ، و حُلمُه بتلك الفتاةِ التي أحبَّها وقرَّرَ الزواجَ منها ..
في أولِ الشتاءِ غَمرتْ أحمد وصديقه فراس فرحةً لا توصف , حين وجدا العملَ الذي ينقلْهُما , ويحققا أحلامهما
إذ اتفقا مع مسؤولٍ في أحد المراكبِ العملاقةِ على الحضورِ فجراً للسفرِ الذي سيدوم بِضعةَ أشهر .
أخبر والدتْهُ و ودَّعها بدُعائها ورِضاها و وعدَها بإرسالِه النقودَ الكافيةَ لمعيشتِها وابنتَها !
في الصباح شرعَ أحمد بالرحيلِ وَسَط دموعِ أمِّه ودعَواتِها وحُرقَتِها
ودَّعَها بِصَلابَةِ الرجالِ واعداً إيّاها بالعودةِ , فهو رجلٌ يُعْتمد عليه.
غادرت السفينةُ الميناءَ بهدوءٍ !
و بعد أيامٍ قليلةٍ ظهرت غُيومٌ في السماءِ داكنة اللون ... وبدأت الرياح تشتدُّ وتُصفِرُ ...
هيجان البحر و أمواجاً تعلو الجبالَ تُخبئُ في عمقِ البحرِ عاصفةً كالتنينِ هاجتْ و ماجتْ بجنونٍ ورعب !
بدأت العاصفةُ تحملُ أمواجها غاضبةً و السماءُ تسكِبُ شلالاتٍ مازجةً ألوانَ السماء بالأزرقِ و الأحمرِ و البرتقاليْ !
والبحارةُ يتخبطونَ خوفاً وحزناً وتضرعاً لرحمةِ الله ...
إلى أن توقفَ المطر وهدأت الرياح وعاد الهدوء ....
بدأ البحارةُ بإصلاحِ ما أفسدتْهُ الريح ..
ثم أَخذَ المركبُ يتنقلُ من مرفئٍ إلى مرفئ , في إفريقيا لتفريغِ حمولته .
في لحظةٍ ما .. شعرَ أحمد بوهنِ وتعبٍ وغًثيان ، عاد بمساعدةِ صديقه إلى غرفةِ استراحةِ العمال في المركبِ الذي يرسو على جانبِ مرفأ أنغولا بدأَ بالتعرُّقِ والحُمّى.
إنها الايبولا ( مرض فيروس الايبولا أو الحمى النزفية )
تمَّ عزل أحمد في غرفةٍ ما في المركب يُصارعُ الحُمّى على مُسكِّناتِ الطبيب دونَ جَدوى.
مات أحمد مُنتقِلاً إلى ملكوتِ الله ورحمتِه.
أخبروا أهله بالمصيبةِ وانتظرتْ والدتْهُ جُثمانَه.
وبعد التدابيرِ الخاصةِ بالوفاة , وانتقالِ الجُثمانِ إلى مسقطِ رأسِه !
وصلَ الجُثمان وسط صَرَخاتِ أُمِّه و حُرْقتها لعدمِ قُدرتْها على رؤيةِ وَلدِها حيثُ كان جُثمانَه في صندوقٍ محكمٍ لا يُمكن فتحُه و نافذةٍ صغيرةٍ زجاجيةٍ تُظْهِرُ وجه ابنِها أحمد ...
قالت بحرقةِ و الدموع تملأُ القرية :
ولدي ...
آه يا قلبي ..
آه يا عيون أمك ..
يا ويلي !
لن أستطيع لمس وجنتيك ..
لن أستطيع تقبيل جبينك
و ضمك لصدري ....
يا روح أمك !
الله يرحمك يا ابني ...
الحمد لله على عودتك ورؤيةِ وجهَك
ودَّعهُ كُلّ أهالي القريةِ بدموعِ فرحٍ و حزن ,,, واهازيج وداعٍ حزينةٍ !
كانوا يُقدمون العزاءَ والتهاني بعودةِ جُثمانِه للقريةِ ليتسنَّى لها زيارةَ قبره
و غرسَ الآس و الورود على قبرِه.
في هذا اليوم امتزجَ الحزنُ بالفرح .
الكاتبة
هند المصري
26.8.2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق