رسائل على الورق
حين تشرق الشمس أرسم ابتسامة عريضة على ثغري .
وها هو الصباح يطل بخيوطه الذهبية من نافذتي يداعب خصلات شعري الكستنائية ، بحنو بالغ كآب يداعب خصلات شعر طفلته الصغيرة .
في الصباح أخذ نفسًا عميقًا بعد أن فتحت عيناي بتثاقل ، أمسكت بكأس ماء بجانب سريري أرتشفته كله ،شربت وشربت ولكني لم أرتوي .!
أخذت أهمس لنافذتي :عبارات الشكر لأنها سمحت لخيوط الشمس الذهبية أن تنفذ من خلالها .
في هذا الصباح أشعلت سيجارة صباحية على غير عادتي ، وجلست في شرفتي ، وأمامي فنجان قهوتي .
أتأمل المارة في الشارع ، شعرت بالملل .
أطفأت السيجارة وتركت القهوة ، فأنا كنت أبحث عنك بين الوجوه ،كنت ممتلئا بك .
بدأت بتقليب في هاتفي ، كانت كلماتك تصلني دائمًا ،وكنت أعاملها بكل الحب ،احتفظ بها احفظها عن ظهر قلب .
وها هي اليوم تذكرني بك وبوحدتي ..
كنت أحفل بها كما كنا نفعل ونحن صغارا عندما يرسل أخي لنا رسالة عندما كان مسافرًا للدراسة .
فكل كلمة فيها لها وقع خاص في نفسي ،فهي تروي أحداثًا وتاريخًا طويلًا من الانتظار ،من الشوق واللهفة ،وها هي الأنا تطغى بعد انقطاع طويل ،بعد أن فقدت الأمل بالعودة إلى رحابك .
لقد فاجأتني رسالتك .. وربما أسعدتني وادهشتني في ذات اللحظة .
هل لا زلت تذكرني .؟
أعرف جيدا أني لا أستطيع استحضار ذلك الشغف للقاء الأول .
فالشعور بالاحتياج لأحد ما في وسط وحشة القلب ووحدته .
لهيب لا ينطفئ بداخلي ، أتيتك بكلي ،افرغت لك كل ما بجعبتي
حتى تفاصيلي الصغيرة .
لكن الغريب في الأمر أني كنت أصدق ان المشاعر لا تنطفئ لكنك هجرتني بكلك . جسدا وجروحا . تركتني صحيح لكنك بقيت عالقا بطرف نبضي .
كنا على ابواب أيلول عندما غادرتني ، عندما طعنتني بسكين كلماتك الحادة ، لاذعة هي ولا زالت تنكأ جرحًا ما زال يؤلمني .
نازفة لا زالت تأن على أرصفة الانتظار .
كنت أمني نفسي أنك ستعود يومًا .
يا معطف الشتاء ويا طمأنينة الروح المتعبة .
ستأتي مع الغيم الماطر ، مع آنات الألم ،ستبدد حزني .
كنت أنتظر الخريف كما أنتظر قدومك .
كنت أنت العاصفة التي اجتاحتني وأطاحت بي من عرشي العاجي .
كنت زوبعة اجتاحت كياني ، أحدثت عاصفة بداخلي ، أثارت غبارها حولي ،كبلتني بقيودها .
وها أنت رحلت مخلفًا وراءك أعاصير من اللهفة والحنين ،كنت معطفًا لغيري ، وصقيعا لي .
يتلذذ بتعذيبنا ،بطهيننا على نار متأججة.،يقتاتنا على مائدة من الحزن .
وها نحن الآن على الحافة ننتظر .
كنت وما زلت أنتظر رسائل على الورق .
الكاتبة
إكرام التميمي
4.8.2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق