نبض نخلة: لحظة//الكاتب حسين العربي

الثلاثاء، 30 أغسطس 2022

لحظة//الكاتب حسين العربي


 لحظة


يجوب "علي" الشوارع بحثاً عن أول من يشير له تتسارع الأفكار داخل رأسه

من أين له بتسديد أقساط السيارة إن كان الحال كذلك فـدائماً تفصله لحظة

ينعطف لليمين فيكتشف أن سائق أخر سبقه بلحظة فيرى من يشير له ويستقل سيارته 

ويواصل هو رحلته بسيارة خالية 

وهكذا دائماً هو الحال تتحكم لحظة في حياته

تترأى أمام عينيه مع زخات المطر المنهمرة على زجاج السيارة وصوت المساحات الرتيب بعض تفاصيل حياته التي دوماً ما تتحكم بها لحظة

فتذكر أيام الجامعة حين فصلته لحظة عن الإلتحاق بكلية الهندسة فقد باغته المرض

وجعله طريح الفراش لأيام وعندما أستطاع النهوض والذهاب لتقديم أوراقه أكتشف إن العدد قد أكتمل وأغلقوا باب القبول لينتهي به الحال بـكلية التربية ويضيع حلمه أن يصبح مهندساً كما أراد والده من أجل لحظة.

ولحظة أخرى فصلته عن نيل حبيبته

فبعد قصة حب دامت لأكثر من ثلاث سنوات كانت تطالبه يومياً أن يذهب لأباها

ويطلبها للزواج خصوصاً وأن رفضها المتكرر لمن يريد الظفر بها أثار ريبة والدها

وعندما أستجمع شجاعته وقرر الذهاب

وجد أحبال الزينة تتدلى من شرفتهم وأصوات الزغاريد تصدح في المكان

ليكتشف أن حبيبة عمره تمت خطبتها لابن عمها العائد من الكويت منذ أيام قليلة.


أنهمرت الدموع من مقلتيه وهو لا يدري إلى أين يذهب وهل هناك من يشير له أم لا

فقد تغلغل بعقله داخل ذكرياته المريرة

فتذكر وفاة والده حينما فصلته نفس اللحظة اللعينة عن رؤيته قبل أن يرحل عن الدنيا فقد كان في طريقة لرؤيته حينما تحسس جيبه فلم يجد محافظة أوراقه فعاد مسرعاً لموقف عربات الأجرة لعله يهتدي للسائق الذي أقله لمنزل والده، ليعلو من بعدها رنين الهاتف المحمول في جيبه

وعلى الشاشة اسم أمي فيلتقف الهاتف سريعاً فيأتي صوت أمه مختنقاً بالبكاء

لقد مات والدك.

زادت حدة بكاءه وأصبح لنحيبه صوت يضاهي صوت زخات المطر

كان يشعر بمرارة فقدان كل شيء بسبب لحظة.

وعلى غير هدى انعطف يساراً ليتفاجئ بشاحنة تأتي مسرعة فتطيح بسيارته لتنقلب لأكثر من ثلاث مرات وتستقر وعجلاتها لأعلى فيتجمع الناس محاولين إنقاذ "علي" من داخل السيارة ولكن بعد فوات الآوان فقد تحطمت السيارة تماماً وأنغرس بجسده عشرات من قطع الزجاج والحديد، فتبسم وهو يخرج آخر أنفاسه

فـلأول مرة يأتي في اللحظة المناسبة

ولا يتأخر وفاضت روحه إلى بارئها.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾

[ الأعراف: 34]


الكاتب 

حسين العربي

30.8.2022

هناك تعليق واحد:

رفقا بالقوارير// الكاتبة إكرام التميمي.

رفقا بالقوارير  واستوصوا بالنساء خيرا ..  هذا قول رسولنا وحبينا  احجلالا لمكانتها العالية  فكفاكم استعلاء أيها الرجال ..   كفاكم قهرا للنساء...