طفلة الملجأ
نظرَتْ إلي ..فقرأتْ في عيني أشياءً كثيرة لم أستطعْ إخفاءَها..إنها الرائعة الحنونة سعاد عبد المنعم ...رحمَها الله ..كانت صديقةَ العائلة ..عندما حضرتْ لزيارتنا ..كانت مولودتي البكر عمرها ستة أشهر ..وهي كما قلتُ من قبل ..ليستْ كبقية الأطفال ..كانت تحمل متلازمة داوون ..وقد استشعرتْ ذلك الحزنَ الخفي في عيني ..لذلك أرادت أن تلقنَني درساً ولكن بطريقتها الخاصة .. قالت : ألن تزوراني بالمركز ..؟ فقد كانت آنذاك مديرة لمركز لذوي الإحتياجات الخاصة ..قلتُ بلى ..وفي اليوم الموعود ..ذهبنا أنا وحماتي وطفلتي رغد الى المركز ..بعدما اشترينا بعض السكاكر والحلوى .. وصلنا الى المركز وذهبنا لغرفة الإدارة ..واستقبلتنا المرحومة سعاد ..شربنا فنجاناً من القهوة ..ومن ثم . قالت لنا هل أنتم جاهزون للقيام بالجولة على أقسام المركز ..؟ قلنا لها طبعا ..قالت: لكن ياابنتي ..الآن ستتعبين من التجوال ..وأنت تحملين الطفلة ..مارأيك أن نضعها عند إحدى المشرفات ..قلتُ لها :نعم ..كما ترين ..وذهبنا ..وتجولنا في المركز ..ورأينا ..ويالهول مارأينا ..مناظر الأطفال المعاقين بأشكال مختلفة من الإعاقات ..وفي كل قسم كنت أتحمد ربي وأشكره ..على ابتلائي بابنتي فقد كان أسهل من ابتلاءات كثيرة ..أما القسم الأخير من تجوالنا لن تتصوروا كم آلمني أشد إيلام وأبكاني أشد البكاء ..القسم الأخير . ..كان قسم اللقطاء ..وكان عدة أقسام ..القسم الأول ..الرضّع ..والثاني في مرحلة الحضانة ..والثالث الأكبر سناً من ذلك ..عندما دخلنا إلى القسم الثاني لو ترون كيف هرعوا إلينا يركضون ..ويريدون تقبيلنا ..لاتتخيلوا كم أبكونا هؤلاء الأطفال الذين يشتاقون للحنان والعناق ..كانوا كلهم ينادون المرحومة سعاد ..ماما ..خرجنا من ذلك القسم المؤلم ..وأنا حاقدة على من تسبب في يتمهم ووضعهم في الملاجئ رغم وجود ذويهم ..أحياء يرزقون ...أثناء نهاية تجوالي ..لاحظت فتاة تقريباً بالعاشرة من عمرها ..ترقبني وتلاحقني بنظراتها ..عند انتهائنا من الجولة مررنا على غرفة المشرفة وأخذت ابنتي ، وودعنا المرحومة ..تلك الأم العظيمة ..ومشينا ، وإذا بالفتاة ذات الأعوام العشر واقفة عند الباب ..كانت قد لاحظت بأني كنت أتجول بمفردي والآن أحمل طفلة ...قالت لي ..وفي عينيها توسل غريب : خذيني أنا خالة ... كان وقع هذه الكلمات مؤلم جدا ..لم أعرف ماذا أجيب ..مضيت مسرعة وأنا عيناي مغرورقتان بالدموع .
الكاتبة
مؤمنة بعاج
4.8.2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق