نبض نخلة: سراب//الكاتب حسين العربي

الثلاثاء، 2 أغسطس 2022

سراب//الكاتب حسين العربي


 سراب


تائه في الملكوت، هائم على وجهه، يتعثر وينهض بلا عصاه التي يتكأ عليها ، يتشبث به البعض ويعرض عنه الأكثرية، خرج"عادل" مذموماً مقهورا منفياً عن أرضه بعدما أختلطت المفاهيم وغرق الناس في جُب الجهل وشاع الفساد والظلم 

ضل الواعظ فـأضل الناس يذكرهم بالقناعة والتوكل وينكر على المستبد إستبداده وجبايته لأموال الناس 

فـأستحل الظالم ظلمه بل وشرعه تحت مسمى الديمقراطية 

أي ديمقراطية مع الخائف؟ 

حكم الأغلبية تباً لأغلبية المنافقين التي صنعت ديكتاتور حكمهم بالحديد والنار 

وأكتوا بجحيمه ومع ذلك أيدوه


رمال ساخنة وصحراء قاحلة تفصد جبينه عرقا وسال فغشى بصره، ارتأى له خيالات تلمع تحت الضوء الأصفر

سار على قدمه العرجاء أملاً الوصول لتلك الخيالات علهم أشخاص طيبين يهدوه لأرض أخرى يستقر بها، تعثر ونهض أكثر من مرة ثم أختفى كل شئ من حوله

فتح عينيه بصعوبة ليجد نفسه راقداً فوق

منضدة من الريش وعلى مقربة منه بعض الرجال يتناولوا الطعام  ويقف حولهم مجموعة من الخدم يرتدون كلهم نفس الزي ويحيط معصم أيديهم أساور سوداء.. 

آن فسمعوه 

فردد أحدهم حمدلله على سلامتك لقد كنت قاب قوسين أو أدنى من الموت 

ولكن الله أرسلنا قبل أن يقضي نحبك تحت لهيب الشمس.

 أين أنا 

 لا تشغل بالك بالمكان والأسماء انضم إلينا وتقوت واسترد عافيتك لأنك ستحتاجها ولن يمكنك العيش بدونها. 

تناول بعض اللقيمات وشربة ماء وبعدها

 قاده أحد الخدم للخارج حتى وصلا لخيمة تكتظ بالرجال الجالسين على الأرض ولا يوجد بها سوى سرير واحد 

أتضجع عليه أحد الرجال يظهر إنه قائدهم 

من مظهره الأفضل وصحته الوافرة البادية على قسمات جسده. 

تركه الخادم وغادر دونما أن ينطق أي حرف 

وكأنه أعتاد تأدية تلك المهمة مرات عديدة. 

نطق القائد يا هذا ما أسمك 

عادل

يمكنك النوم بأي ركن من أركان الخيمة أسترح فلديك عمل تقوم به عندما تشرق الشمس.

تلفت عادل يمينا ويساراً يبحث له عن مأوى بين القوم البائسين 

قبع بأقصى بقعة في الخيمة حيث يصله الضوء بالكاد فلا يكاد يظهر وكأنه شبح

لكن آنين النائمين كان مسموع

فتسأل في نفسه ماذا حل بهؤلاء القوم ولماذا وجوههم مكفهرة وأنينهم يمزق نياط القلب، ولماذا قوبل بالترحاب ثم زج به إلى تلك الخيمة حيث بدأ الجوع والمرض والفقر هو المضيف لكل هؤلاء.

ألاف الأسئلة دارت بخلده حتى جاء الصباح

وجاءت معه إجابة كل الأسئلة

عشرات الخيام أنفضت ليجد أمامه مئات من الوجوه البائسة والأجساد النحيلة

قُسمت لمجموعات ولكل مجموعة قائد كـمن رأه أمس داخل خيمته 

وبدأت تروس العمل في الدوران 

حفر أبار من جهة وزراعة في جهة أخرى 

بناء، تمهيد طرق، مخازن تمتلئ بالحصاد 

أنبهر عادل بما يراه، وجد عصا أخرى يتكأ عليها وأنطلق يعمل بكل قوة 

تلك هي الأرض التي تمناها، ومهما بلغ حجم الشقاء ستأتي المكافأة لتمسح جبينه وتقر عينه، من هنا سيزدهر العرب. 

لكن مع نهاية اليوم كانت الصدمة

ما من أجر على عرقهم الذي سال ليسقي رمال الصحراء

كسرات من خبز وثلاث تمرات وشربة ماء

وركن داخل الخيام تضجع فيه

تئن به أكثر مما ترتاح

وخيرات الأرض تقسم على سادتها

الذين أستقبلوه بالأمس

وكان ظنه إنهم أكرموه

وما الحقيقة إلا إنهم أكرموه ليستهلكوه

ويستعبدوه.. 

نادى عادل في الناس محاولاً إقناعهم إن الأرض أرضهم وخيرها ملك لهم 

وإن الذل والإستعباد ما هو إلا حلقة ستتكرر غداً مع أبنائهم وأحفادهم 

فأجمعوا على سبه ورجمه 

وقالوا ما أنت إلا شيطان رجيم 

وما تريد لنا إلا جوع وموت 

وتحرك قائدهم وبيده السياط 

وأذاقه مر الضربات 

بكى عادل سوء الحال وإن الإصلاح أصبح محال فاتكأ على عصاه وذهب لحاكم البلاد 

عله يرفق بحاله وحال العباد 

فوجد في حضرته مجلس السادة وقد أحضروا له حصته من دم العبيد 

فغر فاه وخانته قدمه وخر على يداه 

فقال السادة ما هو إلا مجنون جاء فأكرمناه 

والأن يريد قلب النظام وحث الناس على العصيان. 

فقال الملك:من عصاه جردوه وخارج  حدود أراضينا ألقوه

فوجد عادل نفسه كما بدأ تائه في العراء على قدم عرجاء وكما لفظته أرضه لفظته كل أرض

فقرر المكوث وحيداً وعدم التحرك في أي إتجاه فأما أنا يموت قهراً

أو يأتي يوم ويستفيق من نبذوه 

فإن لن يأتي له أحد بعصاه لتستقيم قدماه

فستندثر ذكراه ولن يبقى منه سوى اسم

يتردد بين الناس وجسد فان لن يعثر عليه أحد أبداً.

تعاقبت الأزمان وذهب السادة وأتى آخرون 

وخلف الملك ألف ملك 

 وبقيت عصا عادل موجودة بكل مكان لكن عادل ليس له وجود.



الكاتب 

حسين العربي

2.8.2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رفقا بالقوارير// الكاتبة إكرام التميمي.

رفقا بالقوارير  واستوصوا بالنساء خيرا ..  هذا قول رسولنا وحبينا  احجلالا لمكانتها العالية  فكفاكم استعلاء أيها الرجال ..   كفاكم قهرا للنساء...