مسابقة_اقرؤوا_لتكتبوا
التحدي_الثاني: أدب الجريمة
عنوان_القصة: الانتقام
واقفة أمام ثلاجة الموتى بعد أن تعرفت على عائلة أخي التي احترقت بالكامل، المكونة من: التوأم ندى وآدم، وزجته ياسمين، و أخي معاذ، رحمة الله عليهم جميعاً.
إثر حادث أليم عند عودتهم إلى الريف في عطلتهم الأسبوعية، كنا متفقين على أن نلتقي مثل كل نهاية أسبوع، كنت في البيت أنتظر وصولهم، وكنت قد جهزت كل شيء، أعددت الطعام المحبب لهم، وأعددت قالب الكيك المفضل لدى ندى و آدم، عندما تأخروا عن موعد وصولهم كل مرة صرت أُلهي نفسي بتحضير الصحون على مائدة الطعام؛ ليكون كل شيء جاهزا، وأوّل وصولهم نجلس على المائدة، كنت مشتاقة لهم كثيرا؛ لأني لم أرهم لمدة أسبوعين من الامتحانات.
رن جرس هاتفي، نظرتُ إليه بلهفة، وجدته رقم هاتف أخي معاذ، رددت عليه بلهفة، معاذ أين أنتم أكل هذا في الطريق لهذه الدرجة المسافة بعيدة؟.
ردّ عليّ صوت لم أعرفه، وهو يقول : سيدتي صاحب هذا الهاتف تعرض لحادث أرجو منكِ الحضور إلى مستشفى الحوادث بسرعة، لا أدري كيف وصلت إلى استقبال المستشفى، و أنا أسأل الموظف أخي (معاذ عبد الجواد) تعرض لحادث سير هو وأولاده وزوجته أرجوك طمني عنهم، وإذا به ينظر إليّ نظرة حزن، تمّ تحويلي إلى الدكتور الذي استقبل حالتهم وهو يبلغني وكله آسى عن بشاعة منظر الجثث المتفحمة، من هول الصدمة والخبر كنت أريد أن آراهم لآخر مرة، وكان الدكتور و من معه يحاول منعي و أنا كنت مصرة على رؤيتهم، عندما دخلت شعرتُ ببرودة شديدة و قشعريرة في جسدي، بمجرد فتح ثلاجة الموتى و رؤيتي للمنظر أغميّ عليّ، ولم أفق إلا بعد ثلاث أيام بعد ذهاب إثر المهدئ و المنوم، وجدت بجواري جارتنا أم يوسف وكانت تعتبرني مثل ابنتها تماما لأنها؛ لم ترزق ببنات، يوسف كان وحيدها، استيقظت و دموعي على وجنتي، وأنا أسأل عن معاذ و أطفاله وأقول لها: أنا أحلم صحيح أنا أحلم معاذ و أطفاله بخير هم يكذبون عليّ، تقول الخالة أم يوسف: هذا قدر الله يا ابنتي لا رادّ لقدره ما عليكِ إلا الصبر يا ابنتي و ادعي لهم بالرحمة والمغفرة، ولم أحضر جنازة أخي و عائلته، لأني كنت في المستشفى.
الجيران قاموا بترتيب العزاء، وبعد خروجي من المستشفى طلبت من الجميع البقاء لوحدي؛ لأني كنت بحاجة أن استوعب كل ماحدث ذهبوا جميعهم، ولم يتركوا لي إلا الذكريات في كل زاوية في البيت.
بعد مرور أشهر نجحت، وتخرجت بتفوق كما وعدت أخي، وكان حلمه أن أكون دكتورة، و انتقل للعيش معهم في العاصمة، و أعمل في مستشفى العاصمة، وكان يناديني: دكتورتي الصغيرة متى ستتخرج و تصبح دكتورة منزلنا؟ .
في يوم كنت جالسة أتناول فنجان قهوتي في حديقة منزلي مع أم يوسف، كانت تأتيني يوميا تتفقد حالي تذكرت تلك الرسالة التي أعطاني إياها،أخي وأوصاني وألزم عليا بالحلفان ألّا افتحها إلا بعد أن يكون بجوار ربه، بعد ذهاب الخالة أم يوسف، ركضت مسرعة إلى خزانتي و أخذت الحقيبة و قرأت محتوى الرسالة التي يقول فيها :
زينة ابنتي التي أنجبها لي أمي وأبي عندما تقرئي هذه الرسالة أكون أنا بجوار الرحمن تركت لك هذه الرسالة لتعرفي أن موتي قتل متعمد ليس موت طبيعي، عندما كشفت صفقات شركة الاستثمار من
فساد و تهريب و تزوير ونهب أراضي دولة وتجارة أعضاء بشرية وممارسات غير شرعية تقوم بها المؤسسة الاستثمارية تحت شعار الأعمال الخيرية؛ قدمت استقالتي وحاولت تبليغ القضاء العالي والجنائيات عنهم، بدأت تأتيني رسائل التهديد بالقتل، وحاولوا خطف ندى وآدم أكثر من مرة، وهم اليوم أفلحوا في قتلي.
هذه الأوراق أمانة عندك قد يأتي يوم و تحتاجيها.
اشتعلت النار في قلبي، والانتقام أعمى بصيرتي، و أقسمت على الانتقام أخذت أقرأ الأوراق حرفا حرفا، أريد أن أعرف أسماءهم، وكيفة الوصول إليهم، قفلت على نفسي غرفتي وبقيت يومين وأنا أفكر و أخطط، خرجت بعد يومين وأنا عازمة على الانتقام، وقتل من قتلوا أخي واحد تلو الآخر.
في اليوم نفسه اتصل بي يوسف وطلب مني أن نلتقي في الحديقة، وإنه مصر على المقابلة، وافقت بعد إصرار منه أن نلتقي بعد نصف ساعة في الحديقة التي بجانب بيتنا جلسنا سويا في الحديقة ونحن نتأمل الأطفال حولنا يلعبون ويمرحون، وبدأ يوسف بالحديث: هل تقبلين الزواج بي؟
كرّر السؤال أكثر من مرة وأنا في صمت، وقفت بعدها وقلت له طريقي وطريقك لا يجتمعان، ذهبت ولم ألتفت وراء ظهري.
يوسف ضابط شرطة خلوق طموح وكنا نلتقي كل ما آتي في عطلة الأسبوع، وصديق أخي أيضاً، صرح لي ما في قلبه و قبلت به، وأعطيته وعدا أن نكمل سويا، وكانت أحلامنا وطموحنا تنتهي بأن نسكن في بيت واحد، ونربي أولادنا سويا؛ ولكنني اخترت طريق الانتقام لا أستطيع الاستمرار معه.
وذهبت وأنا عازمة على ما نويت، بعت بيت الريف و سافرت للعاصمة لأبدأ رحلة الانتقام، بحثت عن المستشفى الخاص التي ترعاها شركة الاستثمار التي كان أخي يعمل بها، ووافقوا على طلب العمل لا أحد انتبه على لقبي ولقب أخي؛ لأن أنا وأخي معاذ إخوة من الأم، ومنذ أن وطأت قدماي هذا المستشفى نسيت مبادئي و قسمي لليمين على أن يكون العمل الخيري و الإنساني مبدئي.
بدأت أمارس عمليات بيع أعضاء بشرية وصرت أتحصل على ترقيات إلى أن أصبحت مديرة المستشفى و الدكتورة الماهرة لديهم، وإجراء عمليات سرقة الأعضاء وأصبحت اقترب منهم أكثر فأكثر وتعرفت على أعضاء عصابة الإجرام وأصبحت لي صفقات و نسبةفي الربح، مثلهم كل مرة اقترب من فريستي وأتعرف عليه أكثر وأكثر حتى يقع في شباكي وأدعوه على وجبة العشاء في بيتي، وأضع له نقط من تركيبة من تركيباتي الكيميائية في الأكل، وبعد رجوعي إلى بيته يموت في فراشه بسكتة قلبية أو دماغية، وينتهي الأمر، وكان عدد ضحاياي خمسة.
وفي الضحية الأخيرة كشف أمرها بأن موتها لم يكن طبيعيا، بدأت تحوم حولي الشكوك من طرف دكتور زميل لي، وأثبت شكوكه بأحدى التركيبات الكيميائية التي تم تجهيزها معه، و تم الإبلاغ عني، وقبض عليا في المطار بعد محاولة سفر بجواز مزور.
وها أنا واقفة في المحكمة لنطق حكم الإعدام عليّ، يالله هل سأعدم مرتين مرة بسبب جرائمي ومرة الثانية من حبيبي يوسف هو من ينطق حكم الإعدام.
الكاتبة
أسماء جمال
27.8.2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق