نبض نخلة: هدية متأخرة//الكاتب إدريس الزياتي

السبت، 30 يوليو 2022

هدية متأخرة//الكاتب إدريس الزياتي

 هدية متأخرة 


كبر الأولاد الذين كانوا زينة بيته ومهجة فؤاده ، أمسك بيد فريد حتى صار فريدا في طبعه و تطلعاته يمقت الجلوس في مكان واحد، كثير السفر والحر كة ، يتفلت من بين يديه كالزئبق كلما أراد الإمساك به انزلق ، حتى لتظنه لن يستقر في مكان لمدة تذكر إلا في قبره، لم يكن سفره انتقالا بين الأمكنة فحسب بل تعبيرا عن حركة الحياة السريعة بكل مناحيها، ومنعطفاتها 


  أما دنيا فكانت الوردة التي ترعرعت في بستان الحب ، ورفرفت في جنباته كنحلة ترتشف من الزهرات اليانعات أحلى ما فيهن ، لتكتمل كالقمر ليلة البدر حتى إذا حان وقت قطافها ، تعلمت الطيران وحلقت في كل الأفضية تاركة وراءها ظلها في كل مكان، تابعت طريقها لتهيم في مهماتها وأهدافها مبكرة.


 أضحى البيت في غيابهما كهفا أكلت سقفه الرطوبه، عانت جدرانه الإهتراء، فأنفاسهما ما فتئت تنعشه وتبعث فيه الروح، وضحكاتهما على المائدة عند اجتماعهم على الطعام لا زالت ترن في أذنيه ، أضحى الهدوء والصمت المطبق يعكر صفو المكان، بعد أن كان ينبض بالحيوية والحياة، سم زعاف يتجرعه وزوجته على مضض، لم يعد للحياة معنى ولا طعما.


  ينظران إلى الجدران فلا يجدا إلا ذكراهما وكذا هي أثوابهما معلقة على مشجب الغياب ، وفي الأركان بقايا أشيائهما ، أنهكتهما الذكرى ولا سبيل لدرء لظى الماضي إلا بذرف مزيد من الدموع.


 كانت نسائم الصباح الباردة تهفهف أوصاله، يحتمي بذاك الجدار الذي يكاد يتهاوى من شدة الفقد، لا يلفقي بالا لنباح الكلاب المنبوذة والقطة السوداء الجائعة التي تبحث عن لقمة لصغارها عندما ألفياه على الطريق مرتعشا ، بكفيها السحاء أحتوته ضمته إلى صدرها بدفئ ، كانت له الأم كما كانت لطفليها الذين اجتالهماالغياب، ، ملأ البيت حبورا، ودفئا لم يترك زاوية وحيدة إلا آنسها ولا جروحا إلا ضمدها، يشقشق على كل فنن كأنه يبذل قصارى جهده لرد الجميل، شب عن طوقه مرت حياته بصحبتهم كالبرق، ليتها العصافير تعمر طويلا.


الكاتب 

 إدريس الزياتي

30.7.2022 


 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رفقا بالقوارير// الكاتبة إكرام التميمي.

رفقا بالقوارير  واستوصوا بالنساء خيرا ..  هذا قول رسولنا وحبينا  احجلالا لمكانتها العالية  فكفاكم استعلاء أيها الرجال ..   كفاكم قهرا للنساء...