شحوبُ وطن
هنا وطني تُمزِّقُهُ الحروبُ
وماتت في ثناياهُ الشعوبُ
وهذا القلبُ من رمي الأعادي
به جرحٌ وتمسكُهُ الثقوبُ
علت أرضي الكوارثُ حيثُ هدّت
شمالًا ثم يتبعُها الجنوبُ
هنا البارودُ أكثرُ من طعامي
وشمسُ النائباتِ فلا تغيبُ
دموعٌ من جذوعِ النخلِ تجري
ويعلو من فراتيهِ النحيبُ
وذا البرديُّ لا ماءٌ فيروي
ولا قصبي يروِّيهِ القليبُ
فإن تعجب فذا عجبٌ عجابٌ
وهذا الأمرُ في زمني عجيبُ
فأينَ الحنطةُ الصفراءُ فيه
وأينَ الزرعُ والخيرُ الرحيبُ
سوى شمسٍ ورمضاءٍ تكوّي
وصحراءٍ لمن فيها تٌذيبُ
تموتُ الآنَ بلداني جميعًا
فقد كثُرت لتستشري العيوبُ
من الأفيونِ للخشخاشِ أضحى
شبابٌ حيثُ تأسرُهم حبوبُ
فقد ماتَ النجاحُ لكي يوارى
ويخلفَهُ مع الفوضى الرسوبُ
فما بالُ العروبةِ لم توفِّ
حقوقًا حين لم يفقِ العروبُ
دعِ الأيامَ تُصلحها الليالي
وهذا الجرحُ يرتقُهُ الطبيبُ
فمن بردى لفاسٍ للمعلا
أنينٌ بعدما قاسى الخصيبُ
فأينَ النادبونَ على البلايا
فلا بختٌ يسرُّ ولا نصيبُ
لنا تحتَ الترابِ سراةُ قومٍ
ففينا ظنُّهم لا ما يخيبُ
لنا أرضٌ بها مليونُ جرحٍ
تُطبِّبُها إذا شاءت قلوبُ
هنا الشرفُ الذي بالدمِّ يروى
وناموسُ العروبةِ إذ يجوبُ
فإن عدّوا شهامتَنا ذنوبًا
فمن تلكِ الخطيئةِ لا نتوبُ
فما أحلى المماتَ لأجلِ أرضي
وإذ تحلو بنخوتِنا الذنوبُ
إذا شنَّعتُمُ عملي وفعلي
فذا دأبي إذا شئتم فعيبوا
تعلَّمنا المواجعَ مذ صبرنا
فذا وطني بطلعتِهِ شَحوبُ
فمن ضربٍ وطعنانٍ ولدنا
ومن كلِّ الحروبِ لنا ضروبُ
فلا تشمت بي الأعداء وأقبل
ولا تأخذ براسي ياحبيبُ
فمذ ألقيتَ ألواحًا وذكرى
فضلَّ الحبرُ يتبعهم صليبُ
فأن ودّوا سأتلو منكَ ذكرًا
فشمسُكَ في المعالي لا تغيبُ
وهذا البشرُ في وجهٍ صبوحٍ
وهذا الخيرُ من وطنِ رحيبُ
الكاتب
سيد حميد عطاالله طاهر الجزائري
30.6.2022