نبض نخلة: كفاح امرأة//الكاتبة جنى محمد الشيباني

الأربعاء، 23 مارس 2022

كفاح امرأة//الكاتبة جنى محمد الشيباني

  كفاح امرأة


لقداستها كل الولاء ولبركاتها تهفو قلوبنا طمعا بالرجاء

إن اجتمعت حروفها اختصرت لغات الحب كلها ،ورسمت معاني العطاء بأقدس صورها فحين ضاعت الكلمات

واختلجت المشاعر صرخ الطفل داخلنا بأمي فصمتت اللغات لقداسة وقعها 


إن كنت سعيدا تنادي أمي وإن كنت حزينا تستنجد بأمي وإن كنت غاضبا وحيدا باكيا يصرخ القلب أمي ،،،فمهما تقدم بنا العمر فلن نجد أحن من حضنها وسادة وأصدق من قلبها ملاذا .


–كانت السيدة مريم في الثلاثين من عمرها حين توفي زوجها في الحرب ،وترك لها ثلاث أبناء ذكور أصغرهم عمره شهر واحد .

كانوا يعيشون في قرية صغيرة وسط أسرة كبيرة من الأعمام وزوجاتهم وأبنائهم ،

كانت المسؤولية الملقاة عليها ليست بالهيينة أبدا فالأولاد صغار ويحتاجون لمعيل . بعد مدة قصيرة من وفاة زوجها قررت أن تعمل بالحقل الذي تركه زوجها لتوفير أدنى متطلبات المعيشة لأبنائها ،،،حملة الفأس وكلها عزم وإرادة 

كانت تعيش في غرفة مهترئة يعلوها سقف من القش وجريد النخيل لا يحميهم حتى من برد وأمطار الشتاء .

كان طموحها أن تحقق حلم زوجها في تعليم صغارها وإرسالهم إلى المدارس ،تحملت المسؤولية كاملة فكانت تخرج كل صباح باكر وأبنائها نيام وتذهب للحقل حاملة الفأس على ظهرها مثلها مثل الرجال .

واجهت العديد من المشاكل مع أسرة زوجها وأهل القرية لرفضها الزواج مرة ثانية رغم صغر سنها؛ فقد قررت أن تعيش حياتها لتربية أبنائها والخروج بهم لبر الأمان ، كانت هذه جل أمانيها .


كبر الأطفال والتحقوا بالمدرسة القرآنية عند شيخ القرية في بادئ الامر ، وكانوا من النجباء ومن حفظت كتاب الله الكريم 

وهم في مقتبل العمر ، هذا ما زاد إصرارها على تحسين مستوى معيشتهم وتوفير كامل الظروف الملائمة لتكملة دراستهم في المدارس بعاصمة البلاد ، فكرت كثيرا وقررت أن تبيع قطعة الأرض وترحل للمجهول علها تجد ضالتها .


عاشت معاناة حقيقية من جميع النواحي ،وذاقت الأمرين ،تعذبت كثيرا في سبيل نجاحهم وتعليمهم وتربيتهم على تعاليم الدين وحب الوطن .


خدمت في البيوت وفي المخابز والحمامات و عملت كخياطة ملابس في احدى المصانع الصغيرة وحاولت أن توفرت بعض المال لتشتري ماكنة خياطة وتعمل لحسابها الخاص وكان لها ما أرادت .


جاهدت ولم تستسلم أبدا ،وبالفعل وصلت لتحقيق حلمها وحلم زوجها ،،،تفوق أبنائها الثلاثة والتحقوا بالجامعة إثنان منهم في كلية الطب والأصغر في كلية العلوم الإسلامية تخرجوا جميعهم و أصبحوا دكاترة كل في اختصاصه .


حرمت نفسها من ملذات الدنيا ، قامت بكفاح مستميت لإيصال أبنائها لأعلى المراتب ،كانت الأم المثالية التي يقتدى بها ويتشرف بها ،الكل يسعى الآن من أجل إرضائها وتعويضها عن أيام الشقاء والتعب التي مرت بها


 يقول أولادها أنها أعظم إنسانة في الكون؛ فالكلمات والحروف لن تكفي في حقها شيئا؛ فهي شمس الكون وقمر الليل ،،،هي الأمان هي الحنان ومن تحت قدميها لنا الجنان


كم كانت فرحتها عظيمة بهم ...كانت عيناها توحي بنظرة فخر واعتزاز بفلذات كبدها ....كما كان هناك بريق من الحزن الدفين ....لا أحد يعلم سببه ،،،كامن في أعماقها لا تبوح به لأحد .


الكاتبة 

جنى محمد الشيباني

23.3.2022



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كلمة سر//الكاتب عادل عبد الله تهامي

 (قصة قصيرة) " كلمة سر " راقب لهو الأطفال ، وشاهد سعادتهم بالفانوس الجديد.  عادت إليه ذكريات أيام رمضان  الكريم والمدفع الذي يحشو...