نبض نخلة: أسيرة عشق//الكاتب محمود أبوزيد باشا

السبت، 12 فبراير 2022

أسيرة عشق//الكاتب محمود أبوزيد باشا

 أسيرة عشق 


" المرء الذي يحيا دون أمل شخص فاقد للحياةِ، وهو في نفس ذات الوقت يشارك الأحياءُ المأكلَ والمشربَ والملبسَ ". 

لهذا كنتُ أخبرها دومًا بأن الخير آت لا محالة، لذا عليها أن تتمسكَ به حين يأتيها وألا تُضيعهُ، ولم أكف عن نصحها وطمئنت قلبها الظمآن، فالمسكينة عاشت طوال عمرها تبحثُ عن السندِ بعد أن رحل أبيها وتركها وحيدةً في دُنيا تكادُ لا تجد فيها رأفةً من بني الإنسان.

أما عن أمها فلم تنسَ يوما ما فعلته من أجلها، ولا تنكرُ اِحتواءها لها، فبالرغم من الجهدِ المضاعفِ إلا أنها لم تستطع تعويض غياب أبيها، ففقدان الأب لا يعوضهُ شيء مهما حاول الأهل والخلان. 

ودون مقدمات ظهر لها في العنانِ من أقسم بأنهُ العوضُ، فقد وعدها بأنه من سيعوضها السنينِ العجاف، وزادَ على ذلكَ بأنهَ سيكونُ بمثابةِ الأب و الأخ والسند الذي ستتكئُ عليهِ لمواجهةِ الصعابِ، فهو عازمٌ أن يكون نبعٌ للحنانِ، ففرحت المسكينة وكأنه ملاك أرسل لها كي يعوضها الحرمان، فطلبت مني على استحياءٍ أن أتعرف عليهِ، فهي ترى فيه حنان وعطف أخي رحمه الله، فوافقت حين رأيت في عينيها ما تكنه له من حب وهيام؛ ولا أنكرُ سعادتي حينها، ولمَ لا أسعد وهي كانت مكسورة الجناح، وبالفعل قد كان.

حين قابلته شعرت بغصةٍ في قلبي، لأنني رأيتُ ذئبًا تمثلُ في صورة إنسان، فرفضت أن ترتبط به كي لا تندم وتعيش أسيرة لوحشةِ الأيامِ، و والله ما كان افتراءٌ عليه، فهو شخص متعجرفُ والكبر طاغ في حديثهِ و مثلهُ لا يصلحُ للمصاهرةِ وإن كان آخر الرجال، لكنها أصرت وأخبرتني بأنها تعشقهُ ولن تفارقهُ مهما كانت المعوقات، وأخبرتني أيضًا بأنني قاسي في الحُكمِ عليه، فأنا خائفٌ عليها ليس أكثر، لكنها كبرت و لم تعد صاحبةَ الضفائرِ الملعونةِ بالأصباغ، فنصحتها بألا نقتربُ منه كي لا تتجرع الخذلان، لكنها للأسف تعلقت به وقد فات الأوان.

مرت الأيامُ على الزيجةِ، وها هو قد ألقى قناع الطيبةِ وأظهر وجهه الحقيقي، فعادت تشكو إليّ قسوته و الغلظة التي يعاملها بها. 

فقلت: 

" حسن دعك منهُ، سوف أخبرهُ بأنكِ سئمت معاملتهُ، فأنتِ لا تردين رفقته بعد الآن ". 

لكني صعقت من ردة فعلها، فحين سمعت بأنها من الممكن تركهُ، ظلت تبكي بحرقةٍ، وأخبرتني بأنه تملك من قلبها وهي لا تستطيعُ الحياةُ دونه، وقد زادت المسكينةُ من ألمي حين قالت:

" أوَ تدري يا عماه، والله لا لم أكن أريدُ شيئًا من هذه الدنيا إلا سماع كلمة طيبة منه.. كلمة واحدة فقط، لكنه جاحدًا ونسيَّ ما قدمت له من تضحياتٍ ". 

فقلت: 

" تبا له؛ ألم أقل بأنه متكبرٌ ولا يصلح لكِ، سامحكِ الله ". 

قالت: 

" وما العمل يا عماه إذن؟، فالقلب فتن به وأصبح رهنُ إشارتهِ، وأنا لا أملكَ سوى الصبرِ عسى يتبدلُ حالهُ من عندَ اللهِ ".

فأخبرتها بأنه لن يتغير ولسوفَ يزيدُ من عذابها وعليها تركه، لكنها أبت ولم تسمع لي، ولم تسمع لنصح أحد. 

وها هي أصبحت أسيرة لشخصٍ لا يستحقُّ حرفًا واحدًا من كلمة رجل؛ فتبًا له ولشاكلتهُ، وتبًا ألوف للحب الذي أعمي علقها و جعلها بهذا الهوان أمام ذكر يقال بأنه من الرجال.


الكاتب 

محمود أبوزيد باشا

13.2.2022



هناك تعليق واحد:

التنمر//الكاتب عبدالغني أبو إيمان.

تنمر  ها ها ها..!! انظروا إلى شكله!!.. راقبوا هيأته!!.. ما به يمشي هكذا؟!.. إنه فقير.. المعلمة تفضله علينا!!… هيا نلقنه درسا!!.. اخطفوا محفظ...