ومضة أمل
شعرت بأحدهم يُزيح باب غرفتي ببطء ليتفقدني ويقول لي بصوت خافت هل غفوتِ؟
تظاهرت بالنوم ولم أجبْ، هذا ما أفعله كل ليلة أدنو إلى نفسي وأواسيها وأتذكر كل ما مضى من عمري، تارة أبكي وتارة أضحك، وتارة يهزمني عجزي وقلة حيلتي، لا أستطيع أن أنسى ما حدث، تُباغتني ذاكرتي كل ليلة بكل شيء يؤلمني، واليوم المشئوم الذي انتزعت من ساقيِ الحياة وأصبحت بالية...
أصيبت بشلل نصفي بعدما تعرضت لحادث مَقيت مؤلم، ومنذ ذلك اليوم ونظرات الشفقة والمواساة تلاحقني من قبل الجميع، ويأسفون على حالي ومصيري، داهمتني دموعي وأنا أتذكر مأساتي، فلم أستطع أن أمنع عيني من البكاء وأخشى أن أفقد بصري من كثرة البكاء والحزن، أخشى أن تبيض عيناي مثلما ابيضت عين سيدنا يعقوب، كان يبكي على فقيده يوسف وأنا أبكي على وَهني، مَرَّ كل ما حدث لي من مساوئ أمام عيني وزفرت زفرة كدت أشعر أن قلبي سيتوقف واستسلمت للنوم بعدها لعلي أنجو من ذاكرتي السوداء...
غفوتُ وأنا أبتغي أن أعيش في منامي ما لم أستطع عيشه في الواقع وجاء اليوم التالي وإذا بأمي توقظني وتناديني:- قَمرة هيا استيقظي، فهممت وأنا أنظر لأشعة الشمس التي اخترقت شُرْفَتِي وأنا أتمنى أن تتخللني أيضًا لأضيء وأستعيد شغفي، بعدها تناولت فطوري وبدأت في ممارسة هوايتي وهي الكتابة لا أشعر أنني أكتب لكي أفيض بما يدور في خلدي بل أشعر أنني أسخر الأحرف لوصف الشعور الإنساني والتغلغل فيه، أنتقي الكلمات كأنني فراشة أجول بين الجمل البلاغية أستعذبها وأستخلص منها أسَنها، أكتب عن الأمل والبهجة والسعادة وأرغب بشدة في الشعور بهم مرة أخرى، تفاجأت برنين هاتفي اغتبطت كثيرًا عندما رأيت رقم المتصل إنه رقم دار النشر التي أرسلت لها روايتي سابقًا، ودار بيننا الحديث كالتالي، هل أنتِ قَمرة صاحبة الرواية التي أُرسلت إلينا الشهر الماضي؟
لأرد:- نعم أنا؛ كنت في انتظار تواصلكم معي هل أعجبتكم روايتي؟
أردف:- نعم لقد راقت للجنة التقييم والآن أريد إخبارك أننا ننتظرك غدًا لإمضاء عقد روايتك الأولى وما إن أنهينا حديثنا شعرت أن الحياة أعطتني فرصة ثانية وأن السعادة التي طالما كنت أكتب جاشت في قلبي وناديت أمي وجاءت بلهفة لتفهم ما سبب ندائي لها...
أخبرتها أن روايتي راقت لدار النشر ووافقوا على نشرها ولدي موعد معهم غدًا عانقتني أمي في فرح وهي تشكر الله وتحمده على هذا الخبر السار ولأول مرة أشعر أن عجزي لا يُعيقني، وأن الأمل تدفق في حياتي وتحولت كل أفكاري السوداوية لبياض ثلج وغبطة، وأن مهما عانينا حتمًا سيرسل الله لنا ومضة أمل.
الكاتبة
أية أحمد
8.2.2022
رووعاتك🌹
ردحذف