نبض نخلة: زيتونة السٌبيل//الكاتب صلاح لافي

الأربعاء، 16 فبراير 2022

زيتونة السٌبيل//الكاتب صلاح لافي

 زيتونة السٌبيل. 


الجدٌ صالح ،على غير عادته ،يقضٌي القيلولة تحت شجرة الزٌيتون بجانب الماجل. 

رغم إصرار ياقوتة زوجته على عدم مغادرة الكوخ في يوم قائظ ،إلاٌ أن الشيخ لم يعر ذلك اهتماما.مسبحته بيده،وبرنسه الأبيض على كتفه،واصل سيره الهوينى، وهو يمعن النٌظر في غابة الزٌيتون المثمرة . 

اتٌكأ على جذع الشجرة لبرهة،ثم قام بإزالة بعض الأوراق اليابسة ،وسوٌى مكانا له تحت ظلٌ شجرته المفضٌلة.اتٌجه صوب الماجل ،

بالسٌطل الصٌغير ،المعلٌق بشجرة التٌين ،اغترف الشيخ ما يكفي لوضوئه.ثم قدٌم لفرسه التي تعوٌد ربط وثاقها بالزيتونة المقابلة ، بعض الماء ..مهرها كعادته يربض بجانبها.

الشيخ ،يصلٌي الظٌهر بلا سجٌادة، أحيانا.ولا يبالي بما قد يصيب جبينه من بعض الحصى .

ألقى نظرة سريعة على ساعته الٌتي تلازمه بجيب سترته،والمضبوطة دائما.

إنٌه وقت الظهر.

أطال الدٌعاء،جهرا وسرٌا.

من 'برٌادته' المكسوٌة بقماش ،ارتوى .

مسح شاربيه بمنديله الصٌغير.

نسمات تهبٌ فتشعر الشٌيخ الثٌمانيني بقشعريرة لم يألفها..أحسٌ إثرها بحرارة بجبينه .استسلم لنوم هادئ عميق ..


البرٌ مقفر،والمزارعون يسابقون الزٌمن .

توزٌعوا بالمكان،يتسابقون في إعداد أحواض حول شجيرات الزٌيتون الٌتي بدأت تظهر خارج الحفر.الجوٌ ينبئ بخريف ممطر.

المزارعون يعملون بكدٌ ودون كلل منذ حلولهم بالمكان ،لتعمير القفار.بمجهود جبٌار ،أزيلت بالكامل شجيرات 'السٌدر' الشٌوكية.تربتها الخصبة ،عوٌضت السٌماد ،ممٌا جعل أشجار الزٌياتين تنمو بسرعة.مساحات شاسعة ،

وغراسات كثيرة .وهندسة عجيبة .

انتظام الأسطر يبدو مبهجا يسرٌ النٌاظرين .

حتٌى الأطفال لهم يساهمون في عمليٌة التٌشجير.

بأوعيتهم البلاستيكيٌة الصٌغيرة ،يتسابقون 

لسقي الشٌجيرات من ماء فسقيٌة 'الدٌوٌار'.

الجميع اشترك في بنائها وهي مصدر مياه السٌكان والماشية .

'الجمعي' حذق جيٌدا فنون الغراسة والتٌقليم .

وحين أثمرت الغابة ،صار مميٌزا في طريقة الجني ،ويتقن وضع 'الصٌوانع' بأصابعه .

صوانع تقليديٌة ،من قرون الكباش.لها قدرة فائقة لجني حبٌات الزٌيتون من الأغصان.

أمٌا اختيار وضع 'الصٌرٌافة ' على جوانب الشٌجرة ،فتلك ميزة أخرى امتلكها الجمعي .

ومن دون أشجار الغابة ،اختار ،الشٌابٌ

أقرب شجرة لماجل جدٌه الٌذي يكفله .والده توفٌي وعمر الفتى لم يبلغ الرٌابعة.يداوم الجمعي ،كما جدٌه على سقي الشٌجرة ..

الجميع يعرفها باسم 'زيتونة السٌبيل '.

تكاد تثمر سنويٌا.بجذعها الغليظ ،وأغصانها 

المتشابكة ،الكثيرة،وارتفاعها وجمالها ،تجعل الجميع يداوم العناية بها.حتٌى ثمارها تختلف عن باقي حبٌات زيتون الغابة بأكملها.في الحجم والنٌوعية والكمٌيٌة.

عشرات الطٌلبة المعوزين ، والٌذين ارتادوا 'جامعة الزيتونة' كان الفضل لشجرة السٌبيل في مواصلة تعليمهم ،من مصاريف النٌقل والإعاشة والإقامة والمستلزمات الدراسيٌة.وغيرها ..فبخيرات منتوجها ،

يتصدٌق ،صالح، سنويٌا على من هم بحاجة للمساعدة وتبرٌكا بما تقدٌمه ، فحتى عمليٌة جنيها تتمٌ مجانا.

الفرس يصهل بصوت مرتفع..

الجمعي منهمك في الكتابة كعادته في القيلولة صيفا.حتى أنٌه لم ينتبه لكأس الشٌاي الٌذي وضعته ابنته الصغرى بعد الغداء.

عدت لدفاتري أقلٌبها 

لعلٌ الفصول تكتمل  

المهر يكاد يدخل الغرفة،فيما صهيل الفرس لا ينقطع. بسرعة البرق ،امتطي الجمعي جواده.

الجدٌ ،مسجٌى ،مغطٌى ببرنسه.رأسه للغرب.

أغصان تدلٌت تحيط بوجهه،الذي يشعٌ منه نورا لافتا.كأن بعض الأوراق تغمض العينين على مهل.بعض قطرات، كاٌنها ماء أو زيتا تنساب على شفتي الشٌيخ.

هل يصير الزٌيت دمعا؟

أصوات اليمام بالغابة تبدو كالنٌواح.


الكاتب 

صلاح لافي

17.2.2022



هناك تعليق واحد:

الحب الضائع//الكاتبة سعاد حبيب مراد

 الحب الضائع هل يضيع الحب وقلبي ينبض وتجري الدماء في الشرايين ؟ هل يرحل حب ويصبح بالضياع حنيني؟ ما بك يا حبيبي،أيضيع الحب  مستبشراً بعودته ق...