نبض نخلة: الوداع الأخير//الكاتبة إكرام التميمي

الثلاثاء، 22 فبراير 2022

الوداع الأخير//الكاتبة إكرام التميمي

 

الوداع الأخير ..


ريشة أنا في مهب الريح .. 

خاوية أنا إلا من فتات كلمات أو من رحيق أزهار كانت يانعة في يوم من الأيام . 

مثقلة أنا بضجيج فارغ إلا من بقايا حطام .. 

أحمل هموماً تنوء عن حملها أعتى الجبال .. أحاول لملمة شتات نفسي من جديد . 

لقد جئت إلى هذا العالم عنوة عن الجميع .. 

لا تدعوني أنظر لمرآة روحي فهي منطفئة قاتمة .. 

فأنا لفظتني الحياة منذ ولادتي ،وتركتني على هامش الطريق . 

عواء في داخلي يأن يستصرخ الخلود .. 

أودعتني الظروف في مكان غير مكاني وفي عالم ليس بعالمي .. 

توالت الأحزان والخيبات على روحي التائهة. 

الكل هناك يطالعني..في الميتم أنا.. الكل ينظر إليّ باستغراب ..فكيف لامرأة مثلي إن تعيش في الميتم بعد وفاة والدي .ورحيل والدتي وانقطاع أخبارها عني .

الكل يراقب موت الإحساس بداخلي ولا يرأف بحالي .

وما أن جائني الخلاص كما كنت أظن حتى كشرت الحياة عن أنيابها من جديد . 

وها هو هناك من استأمنته على الروح حتى أهلكها ، على غير عادته يقضي القيلولة هناك غير آبه بما يعتريني ، يجلس على أريكة من ضلوعي ،يراقب موتي .

ويسألني: كيف أراه ؟

آاه ..تختبئ الكلمات وتأبى الإنصياع لإرادة الروح .

وها هي الشمس تختبئ خلف التلال تعلن الأفول ..

وأنا هنا أرقد كجثة هامدة في غرفة متصدعة الجدران ، وسقف نازف لا يقي مطر الشتاء ولا قيظ الحر ،ونوافذ مهترئة تبدو كعجوز فقدت أسنانها . 

أتلك هي السعادة التي وعدتني بها ! .

تململ قليلاً غير آبه بما أقول ، ألقى نظرة سريعة على ساعته، بدأت نسمات باردة تهب على خلجات روحي .

لم يرف له جفن، أما أنا فانطفئ رويدا رويدا .

يا الله كم تربكني ساعات الليل ، توقظ في أحاسيس كانت غافية ، كم حاولت أن أتخطاها كي أعيش ما تبقى لي من عمر بسلام . 

ليس سهلاً علي أن أواجه أفكاري وحدي أواجهها وجهاً لوجه . 

فها أنا أحاول جمع حطامي وحصاد يومي ، أقلبها وأفتش فيها عن ذاتي ، عن شيء جديد يمنحني القوة كي أغادر بسلام . 

كي أغادر مرفوعة الجبين ، تصفحتها جميعها لا شيء فيها ينبئ بما أريد .

يا إلهي ها هي رعشة الشتاء تجتاح قلبي من جديد ، تنقر على فؤاد قلبي بلا استحياء ، تدوس بخطى واهية على قلبي خشية الارتطام بجدران القلب المتصدعة فتثير زوبعة الألم من جديد . 

لقد سمعت الطبيب اليوم يخبره أن الأعمار الله وأن اللحظات أو الأيام المتبقية باتت معدودة .

أنه المرض اللعين لم يمهلني لأعد العدة للرحيل .

ولم يمنحني الوقت كي أرصف طريق رحيلي كما أحب . 

حتى أنت لم تترك لي خيارا كي أودعك بصمت ،فالخيانة بطبعك .

لقد رأيتك معها ؟

لم تنتظر رحليلي .

أبيت إلا أن تطعن روحي قبل الرحيل . 

كم هو صعب عليَّ أن أجتاز زحمة أفكاري ، وداخلي ملطخ بأخطاء لم اقترفها .

آه ليتك تفهمني !

ها أنا أمضي أحمل كل أعباء الحياة التي عشتها فوق أكتافي .

سألملم شتات روحي ، وأتوارى عن أنظارك . 

سأغمض جفني في لحظة الوداع الأخير .



الكاتبة

إكرام التميمي

22.2.2022



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هي أمي//الكاتب محمد العكري

هي أمي  سبب وجودي ورفيقتي ومن رسمت طريقي    في هامشي وحياتي  كم عانت لأجلي كم تعبت لتربيتي هي أمي  حبيبتي وَعُمْرِي إنها أنفاسي  وُلدتُ فرحم...