إغتيال بتول
"خلقها الله لتشقى
وها هي ترحل وحيدة"
كانت تلك كلمات "خالد" بعدما أتم مراسم دفن "علياء" في حضور أخته التوأم وصديقتها الوحيدة "ندى"
التي لم تتوقف عن النحيب ولو لدقيقة واحدة لتحفر دموع الذكرى أخاديد على وجنتيها
يربت "خالد" على كتفها مطالباً إياها بالتماسك
لتخرج عن صمتها بكلمات اختنقت في حلقها لسنين وسنين، كانت شاهدة خلالها على ظلم "علياء" من كل من حولها
_لماذا تموت هكذا
لماذا أحترقت وهي التي لم تفرح ولم يجود الزمن بمن يحنو عليها
لقد عذبها أباها وهجرتها أمها، وعانت الأمرين لتستطيع الحفاظ على أخواتها الصغار الذين ما إن اشتد عودهم إلا ونعتوها بالدميمة، كانت تعطي بلا أخذ،
وحين عوضها الله بك وصارحتها برغبتك في الزواج منها، أصابها ذلك المرض اللعين، الذي نهل ما تبقى منها، لتقضى لحظاتها الأخيرة ملقاة في مستشفى عام يعج بالأمراض والأوبئة وشياطين الأنس الذين أغتصبوا عذريتها دون رحمة
فتفيض روحها إلى بارئها، وهي مدرجة بدماء طهارتها الملوثة بغدر بني الأنسان.
احتضنها "خالد" وهو يبكي وينتحب بقوة
قائلاً :
_ذهبت لمن يستحق أن تعيش بجواره، فقد
كانت مثل الأرض الطيبة تؤتي ثمارها لمن يضربها بالفأس، فيأكلوا منها حتى ملئ البطون ويتركونها قاحلة تملؤها شروخ العطش، فتجف وتتيبس وتصبح كالصريم
قاومت "ندى" دموعها لتضع إكليل الزهور الذي تحمله على قبر علياء وتهم بالمغادرة وهي تحتضن أخاها مرددة
ستخُلد مأساتك ذكرى الظلم والقهر وستطارد روحك الطاهرة من اغتالوا براءتك ونقائك حتى تُلقي بهم في سقر
اهدئي أختاه فقد وجدتي
راحتك أخيراً.
الكاتب
حسين العربي
28.2.2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق