نبض نخلة: قد يظن البعض//الكاتب محمود أبوزيد باشا

الخميس، 10 فبراير 2022

قد يظن البعض//الكاتب محمود أبوزيد باشا

 قد يظن البعض أن الألم العضوي أشد من الألم النفسي؛ لكني أختلف مع من يظن ذلك، لأن مهما كانت الآلام موجعة والمعاناة قاسية و مرهقة، إلا أنها أهون بكثير من الآلام النفسية، فالألم النفسي ليس له دواء، فكل مسكين تتألم روحه يشعر بأشياء وأحاسيس لا يستطيع البوح بها، ولا توجد كلمة تصف ما يشعر به، فـلله قلوب مستها الخيبة و تجرعت الخذلان، وكان الله في عون كل نفس تفيض بالأوجاع. 

يقول صديقي:

" أتلفني الهوى ومزقني الفراق و تناثرت أشلائي كأني بقايا من تشرنوبل، فلا يجرؤ لأحد القربِ أو مساعدي بأي شكل كان، فها أنا بدأت أشعر بأنني شخص منبوذ كتب عليه الضيعة والشتات ".

أما رفيق دربي فيقول:

" أنا الذي يحيا في تخبط وصراع دائم، ولا أدري هل سأنجو مما أنا فيه؟، أم سأقعُ أسيرًا في اللامنطقي هذا؟، فالقلب يحيا على الأمل والواقع يخبرني بأن القلب أحمق وسيكون سبب في الهلاكِ؛ فأنا المشتت بينهما ولا أدري من سيرفعُ راية الاستسلام أولاً؟، هل الهلاك أم ذاك الأمل التائه في السراب ".

أما خليلي فقال:

" أوتدري بما يشعر به أخيك؟، أشعر كأني في بستان تراقصني فيه الفراشات، ومن فرط فرحتي أركض لأصل لنهايتهِ، وحين أصل أجد نفسي في صحراء جرداء خالية من أي شيءٍ، فأكادُ أموت من الظمئ.. فـوالله كم أنا متعبٌ.. وكم هو مرهقٌ أن تحيا مع يأسٍ وأمل اجتمعا معًا في آنٍ واحد ".

فتنهد رابعنا بعد أن أسند ظهره وقال:

" أنا الذي يواري الحبيبتان بإطار معدني وعدسة من الزجاجِ، وأنا الذي يصطنعُ بسمة يظهرُ فيها النواجذ، فكم من السهلِ عليَّ فعل ذلكَ.. فأنا في المُداراةِ بارع، وها قد أعتدت الأمر طوال خمسة وثلاثين عاما من أجفانِ إعصاري، وبالرغم من الدهاءِ إلا أنني أُقطع من الداخل؛ أقطع بسكين لا نصل له، وعلي أن أتحمل دون شكوى وبلا صراخٍ، فأنا أكرهُ شفقة الناس، و والذي بيدهِ الأمر لو أني خيرت بين الهادم وبينها لأخترتهُ، فأنا الحسامُ وإن كنتُ مكبلًا بالأغلالِ، لِذا ولهذا سأستمرُّ في المداراةِ إلي أن ينتهي الأجلُ أو تتبدلُ الأحزانُ". 

وقال آخر :

" أما أنا، فتائهٌ ومشتتٌ ومفتقدٌ لذاتي، ولا أدري ماذا أصنع كي أُلملمَ باقيا أشلائي؟، فبوصلتي كسرت بعد أن كتب عليّ فراق مُلهمتي ورفيقة أيامي، هذا أنا.. هذا أنا.. هذا أنا ".

أما صديق صديقي فقال:

" والله لا أدري على من ألقي اللومِ؟!، أ.. ألقيهِ على الحب؟،

أم ألقيهِ على نفسي؟، أم ألقيهُ عليها؟.

فيا أسفا على نفسي، ويا أسفا على أحوال تتبدل، فالرجل الذي كانت البسمة وشمٌ على وجهه، أصبح كرغيف يحتله الفطرَ، فيا رب هون عليَ وجع يؤجج الروح ويعذبها، ويا من خلق الفرج أرزقني الصبرا ".

فقلتُ:

" لعنةُ الله على المأساةِ والعللِ، اللهم هون على عبادك مآسيهم وهب لهم سَبيلُ النجاة ".


الكاتب 

محمود أبوزيد باشا

10.2.2022



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التنمر//الكاتبة فاطمة معتوق

 التنمر يعد التنمر من السلوكيات الهدامة في المجتمع ، والتي تتنافى مع المبادئ والقيم والأخلاق الإنسانية الرفيعة والأخوة والمساواة بين البشر ...