نبض نخلة: مشارف المشيب//عبدالله محمد الحاضر

الاثنين، 31 يناير 2022

مشارف المشيب//عبدالله محمد الحاضر

 مشارف المشيب..


ولدت على مشارف المشيب حين عانقت عيناي ذاك البياض المشوب بالسواد أيقنت أن كل شيء يشيب حتى الزمن عندما ضمتنى أمي إلى صدرها وهي عارية إلا مما يستر عورتها أو يكاد فأحسست بسعادتها العارمة وهي تلتهم بنهم حفنة التمر التي جادت بها كفا أبي مكافئة لها لأنها أنجبت مولودا ذكرا طال انتظاره عقود كأنها أباد سرمدية كان أبي أدم البشرة تنبثق من حاجبيه خيوط الضياء فترسم ظلالها على صفاء عينيه كبدر يغازل بحيرة تسري ابتسامته على الوجنتين دون الشفاة شقوة الفضول دفعتني لأسأل أمي وهي الحنطية الرقيقة لما تزوجته أجابت وهي تعض شفتها السفلى لأنه رجل رجل وستعرف ذلك في حينه وما أن توطدت العلاقة بين قدمي والأرض حتى أكتشفت سر تلك الابتسامة حين اندلعت ضحكته المترقرقة كنهر يغازل المنحدر وهو يستقبل الضيوف بثنيتين قد أغواهما الرحيل فتركتا المكان إلى غير رجعة لم أره حافيا حاسر الرأس سوى تلك اللحظة وكأن مطر السعادة ينهمر على روحه وكل ما فيه وهو يناولني الأعنة ويقول ضاحكا لا تخف أيها الفارس خذ أربطها فسوف تصبح فارسا عما قريب شابت مشاعري تلك اللحظة بين سعادتي بفرح أبي وتعامله الراقي وبين خوفي من تلك الخيول التي كانت تحاول لن تتشممني أو ربما كانت تسخر من صغري وقصر قامتي حمدا لله ان أسعفتني خطاي حتى أوصلها إلى الرتع دون أن أسقط ولا أدري إلى الآن كيف أنتهي من اجلاس الضيوف لأجده أمامي يوزع مخالي الشعير وهو يقول أعط هذه لتلك لا تخف سوف تدنى لك رأسها وهي شاكرة فعلقه على رقبتها فسرت حرارة أنفاسها الدافئة من يدي لتجوس خلال روحي وهي تنظر إليَّ بعين الرضى حيث كنت أرى صورتي بوضوح في عينها وهي تحمحم في نغم يسكن القلب بلا استأذان رغم أنى كنت أرى أبي جلفا قاسيا حين كان يأمرني بالبقاء غير بعيد أسمع أحاديث الضيوف وحكاياهم التي لا تخلو من ضحك ولأكون قريبا حين يطلبني لم يترك لي فرصة واحدة لألعب مع الأطفال ألهو بماكانوا يتلهون فكنت أستمع إليه بإستغراب أهذا حقا أبي كثير الضحك دمث الحديث سمح المحيا مجيبا لكل السائلين شعرت للحظة أن أبي كقوقل لأن لا يأت بسهم ناقصة في شعر وتاريخ وأحدات وفقه وسيرة لقد كان موسوعة رغم تعسفه معي الذي أدركت سره أيضا يوم يوم حملوه كطائر أبيض ولم أتم العاشرة علمت يومها لما كان يحشوني بخبرات الرجال لا الأطفال لأنه كان في سباق مع الزمن واقتراب موعد الرحيل يوم أنبأني بما لا يجب أن يعلمه الصغار فكنت من بعده المعيل فشببت على مشارف المشيب.....


الكاتب 

عبدالله محمد الحاضر.

31.1.2022



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رفقا بالقوارير// الكاتبة إكرام التميمي.

رفقا بالقوارير  واستوصوا بالنساء خيرا ..  هذا قول رسولنا وحبينا  احجلالا لمكانتها العالية  فكفاكم استعلاء أيها الرجال ..   كفاكم قهرا للنساء...