محطات إنسانية
يقول جبران خليل جبران:
معرة الظلم على من ظلم
وحكم من جار على من حكم
وتبقى الصباحات بدايات تغيب مع المساءات وتبتسم لنا كل صباح تغرينا كي نقف متأملين هذا الكون ...وهذه العظمة الإلهية في تسيير وتنظيم الليل والنهار وجعل البحار مسارا للفلك والسماء رافعة للطيور ...مساحة تحليق بلا خوف ولا سقوط...
ألا تكفينا عظمة الخالق وقدرته وجبروته على أن يقول كن فيكون....
ومع كل هذه المعجزات والسلط القادرة على خلق كون وتسييره بنظام وانضباط وهو في كل حالاته لايظلم...وحرم الظلم على نفسه...وماربك بظلام للعبيد...
كيف ونحن الصغار المستصغرون...العاجزون عن الخلق...القابعون تحت مشيئة الرحمن...كيف بنا نأخذ من الظلم تسلطا وسلطة وميزة نحو السمو والإمتطاء للدرجات العلا والكراسي المزركشة...
فهل يمكن أن ننكر مدى الظلم الذي استبد وصار جرثومة تفتك بالأخلاق والمبادئ...حتى صار الظالم سيدا صاحب جاه وعنوان...يضرب بالسوط والصولجان على الأرض التي جعلت للأنام مصدر رزق وراحة ونوم واطمئنان...كما يضرب على رأس كل من رمته ريح الفقر والحاجة بين قدميه...
نحن نعيش أسوأ حالات الظلم سرا وعلانية...وهذا مرده لفقداننا لمبادئنا ...وتبعياتنا اللامقبولة لمن يصنعون الإستعمار والإستبداد...والظلم.حتى حرمنا حرياتنا الفكريةوالثقافية والحضارية...بل حرمنا من خيرات بلداننا الوافرة...وصرنا بلا هوية بلا أرض تلملم أوجاعنا ...فصنعنا المناوشات والنزاعات وكنا طرفا أساسيا في الحروب والدمار والشتات...
نعم نعيش أسوأ حالات الظلم تبعية وتجردا من ثقافاتنا وحضاراتنا وهوياتنا نحو التورط في عالم كله بؤر ومكائد...فراح شبابنا مكبلا نحو وسائل تواصل إجتماعية أكثر ماتحمله إلينا سبل وطرق وكيفيات للظلم والتعدي...ولربما العيب فينا...لعدم حسن الإنتقاء والإنجرار وراء الألوان المموهة للحقائق ...
بخلاصة نحن من يصنع الظلم...منذ المرحلة الدراسية الأولى...حين نفضل طفلا على الاَخر...لأنه يركب سيارة فاخرة....ويرتدي بذلة غالية.ويلبس حذاء ملمعا....بينما الثاني يرتدي وزرة تناوب على ارتدائها كل أطفال العائلة ...منتعلا بلا نعل.. شاحب الوجه...
هنا بدايات الظلم...فيتربى فينا الحقد ورد الصاع صاعين...جرائم بالجملة وتنامٍ لكل سبل الظلم...هي حقيقة واحدة فقط وقس على ذالك وزد...ولاننسى ظلم المستعمر فهو أشد ظلما ...سرقة أرض واغتصاب وحرق ونار ودمار ...
فلنعد لبداياتنا الجميلة ...ولنأخذ من الحكماء سبل العيش والتعايش...ولنقرأ سيرة عمر...الفاروق ...الذي حرم الظلم ..حتى على أعز الناس عليه...فكان الحاكم الحكيم الذي بنى أسس الدولة ووضع أولى لبناتها الصحيحة والجادة...وصير المجتمع العربي مجتمعا عادلا نزيها لا فرق بين مسلم ومسلم بل لافرق بين مسلم وغير مسلم إلا بالنزاهة والعمل الصالح....وعمل على التاَخي والتاَزر بين كل طبقات المجتمع بهوياتها ودياناتها ولغاتها....
أملنا ونحن نعيش الظلم في أعين الكثيرين ...أن نعود عودة صادقة لمبادئ صنعت الرجال وصنعت العدل ...فلا تعايش ولاسلام إلا بمنع وتجريم الظلم...
الكاتبة
نعيمة سارة الياقوت ناجي
9.11.2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق