كرسيّ الإعتراف
كان بودي
أن أجعلَ من حياة أبي و أمي
أسعد حياة ويرتاحا قليلاً من
وجع الحياة
لكني فشلت من قلة
الحيلة
كان بودي
أن أكون موجوداً عندما ماتت
أمي هناك ببلدي
و حملت جنازتها مع الحشود لأدفنها
بقطرات دموعي و أقرأ الفاتحة
على قبرها
و لكني من ظلم الناس و قلة
الحيلة أنا فشلت
كان بودي
أن أجعلَ زوجتي سعيدة
بحياتها و تفتخر بي و تتفاخر أمام
باقي النساء
لو ألبستها من أفخر أنواع الملابس
و ذهبت معها لأغلى المطاعم و ألبستها
نصف كيلو من الذهب
كنت أحلم بأن أحقق كل أحلامها و
أمانيها البسيطة
لما تشاجرنا بيوم مع بعضنا
البعض
لكنا أسعد زوجين
لكني من ظلم الفقر و قلة
الحيلة أنا فشلت
كانَ بودي
أن أعلم إبني دراسته الكاملة
و يخلص تعليمه و دراسته بكل
إتقان حاملاً أعلى
الشهادات
ليخرج طبيباً أو مهندساً أو
محامي و قاضي
أو ضابطاً برتبة عقيد أو عميد
في الجيش أو مسؤولاً بأمن
الدولة
ولكني كعادتي من قلة الحيلة
فشلت
كان بودي
أن أسكن مع عائلتي بين أربعة
جدران بغرفة صغيرة
و تكون الغرفة و الجدران ملكٌ
لنا
و أن أشتري يوماً سيارة صغيرة
و كنت سارضى حتى لو كانت
سوزوكي تعبانة
و أأخذهم مشواراً بين الخَضار و
الأشجار و نشوي دجاجة ثمنها ٢٠ ليرة
سوريا
و نغني تحت العكيدة اجتمعنا و نحن
نصفق فرحين
و لكني كسابقتها أنا أيضاً من قلة
الحيلة من فقري أنا
فشلت
كان بودي
أن أزوج أبنتي لرجل صالح
بكل معنى من الكلمة
و يحترمها و يقدرها
و أن أشتري لها بيت من خلال
مالي و ألعب مع أولادها
ولكني دائماً و أبداً أنا
فشلت
كان بودي
أن أملكَ يوماً منزلاً صغيراً ملك
كان بودي
أن أركب سيارة ملك و أن أسافر
يوماً بطائرة للسياحة و لو
ليومين فقط
كان بودي
أن أُُسعد عائلتي و أُفرحها ليتنفسوا
طعم الحياة
كان بودي
أن أجعل زوجتي و أبنائي يفتخرون
بي أمام الناس
كان بودي
أن يخلقني الله بين عائلة تحب بعضها
البعض ولا يكرهون بعضهم
و أن يكونوا قلبٌ واحد و يحترمون
بعضهم و لكني أيضأ انا
فشلت
كان بودي
أجعل من نفسي رجلٌ سعيد
و مرتاح بحياته بدون كآبة و
حزن
و أن أجلس مع الأصدقاء نمارس
طقوس الصداقة الحقيقية
و لكن شاءت الأقدار عكس
ذلك و فشلت بروعة
الفشل الحاقد
كان بودي
أن أجعل كل ما هو جميل و رائع
لأهلي و عائلتي
و لكني من ظلم الفقر و مرارتها
و قلة حيلتي
أنا كعادتي فشلت
كان بودي
أن أصبح كاتباً و شاعراً
مشهوراً
و أن أترجم كل كتاباتي في
الكتب المطبوعة
ليفتخر بي كل اهلي و أقربائي
و أهل بلدي
كان بودي
أن أوزع المال و الطعام للناس
المحتاجة بكل المخيمات و أسأل عن حال
الأرامل و كبار السن الذين تخلوا عنهم
الناس
كان بودي
أن أذهب للمشافي الحكومية
و أنظر بحالة المرضى التعبانين و الفقراء
المساكين
لكني مقصرٌ بفشلي و من قلة
الحيلة فشلت
كان بودي
أن أرسل أبي و أمي
لزيارة الكعبة ليحجوا عمرةً
مثل الناس
قبل موتهما و لكني فشلت و
فشلت
كان بودي
أن أبني مسجداً بحي الفقراء
المنسي
و الخطيب أن لا يكون تابع
للحاكم السارق لأحلامنا
و الخطيب أن لا يطبل للحاكم بخطبة
الجمعة طويلاً
كان بودي
أن أزور قبر الرسول برفقة
أبنائي و زوجتي و نطلب بدعوتنا
من الله ان يغفر لنا
ذنوبنا
و لكني من لعنة الفقر
أنا فشلت
كان بودي
أن لا يصل عمري إلى خمسين و سنة
و أكثر
و أبقى مديون من كل الدكاكنين و محلات
الألبسة و الفواتير الماء و الكهرباء
و الأنترنيت و المرض الكثير و
باقي القائمة التي تطول
و لا أتعذب بكل مرة
عندما يأتي رأس الشهر و لا
أملك بكل شهر آجار بيتي الكئيب
الحقير
فكم أنا حقير و فاشل و معذب
بحياتي
كان بودي و كان بودي
و كان و كان و كان و لا ينتهي
كان بودي من حرقة قلبي و
فاجعتي
كان بودي
أن لا يخلقني الله فقيراً
في هذه البلاد
و لا تحكمني هكذا حكام
و مسؤولين أنانيين يأكلون و يشربون
و ينامون مرتاحين دون هم
يفكرون بأنفسهم فقط
و أن لا تتحكم بمسير حياتي نفاق
الأحزاب المدمرة بنا من كذبها
كان بودي
أن أكون مواطنٌ ذو قيمة يتمتع بخيرات
بلده مثل المسؤولين و أبناءهم الذين يدرون
بسيارتهم الفخمة لمعاكسة النساء و استدراجهنَ
بحجة المال و الثراء
كان بودي
أن أكون يوماً إنسان بكل معنى تعني
الكلمة و أن يحفظ كرامتي في
بلدي
لكني فشلت بل هم أفشلون بكل
شيء
فأنا رجلٌ فاشل و فاشلٌ و حقير و
جبان
أقولها بكل صراحة
و بصوت عالي
أنا فاشلٌ ....... فاشل
في هذه البلاد التي تحكمها
الحرامية الفاسدين
كان بودي
أن أكون طائراً لأطير نحو السماء
مع الريح و لا ألمس الأرض
يوماَ
لكنتُ سكنت الغيوم في ضباب
العمر و نمت برحلة الموت
الأبدي ......... كان بودي
الكاتب
مصطفى محمد كبار
1\11\2021
حلب .......... سوريا
روووعاتك.. 🌼
ردحذف