نبض نخلة: العذاب الحائر//الكاتبة منية الشريف

السبت، 6 نوفمبر 2021

العذاب الحائر//الكاتبة منية الشريف

 

العذاب الحائر 


تحترق كل الأوراق الخضراء ويموت السفر بين أوراق الحناء عندما تستحيل خضابا يزين أوقات الرحيل ...مهما كانت أرصفة الطرقات يشوبها الحزن ومهما بكت المسافات عذاب البعد مازالت هناك نبضات في القلب مغلفة بحفيف ربيعي رغم تساقط كل الأوراق الصفراء الشاحبة على أرض النُأي المبللة...و رغما عن كل منحدرات الوجود...هناك دائما خلف العتمة مشاعر آيلة للسقوط....وأحلام أيلة للخلود...فللقدر أحكامه وللحياة رغباتها...وللقلوب قدرتها على تحمل إدمان هذا الغياب المغلف بالعتاب الملتحف بالمخمل و الحرير....

أكاد أقسم..أن دقات القلب أسرع ألف مرة من دقات الساعات فلا القلوب تتوقف دقاتها ولا الزمن يوقف عقارب ساعاته...وإلا  يحل الخراب على كرة الحياة...لعلكم تدركون ذلك ....فالأمر يكاد يكون استنزافا لمشاعر دامية طافحة بالصدق المؤلم بين جنبات قضبان العمر المفقود ...لنا مع الذكرى لحظات مضمخة بشوق العمر البريء ... تترابط مع نسيجِِ من خيوط الأقدار ...المختلطة بألوان قزحية براقة ذات شمس دامعة

الحواجز تتوسل حياتها ...تبكي سويعات من ذكرى ذبيحة ...فالعالم ليس بذلك الوضوح ...فبيني وبين نفسي مسافات من الدموع والصمت والخراب...فأنا تلك الحافية على أشواك الحياة....المسافرة أبدا بين التخوم.... مَدينة لكم بكل الجراح....ورغم تلك الفوضى فمزاجي دائما جيد ..يجلس القرفصاء.. وحيدا يتابع من بعيد أشجار النسيان وهي تزهر دون عبق....ونظراته تلاحق الحمائم وهي تبني أوكارها دون هديل ...

فالروح مهما كانت مبعثرة..تنتظر في ركن قصي من أسوار العمر لتتعافى بالكلم الجميل المتأنق ...أوبتربيتت حنان على شعر الشمس المنسدل...كالحرير ....

على كتف الأيام الطويلة...أولتغتسل تحت نور القمر  الساطع بزهر الجلنار....ورغوة زنابق الشوق البيضاء  

وتمر السنون والفراق مازال يمسك بالأيدي المرتعشة..ويضغط بقوة على أصابع الشتات والتلاشي...حتى الدموع مازالت كما هي متحجرة في مآقي القلب الصغير...حتى الضحكة أصيبت بالجفاف ودخلت كهف النسيان لتنام بعد تعب أويقات من سعادة خاطفة...

إنها أنثى تسير وحيدة على أرصفة الصمت...ضُبطت ملتبسة بسرقة لحظات من فرح هارب ...حوّلتها إلى تعويذة تحتمي بها من عبث النسيان...هي طفلة تتلعثم أمام الزمن المنفلت ...وتتعلم أنه مازال هناك أمل لتستوعبه في هدأة الضياع...فلا ذنب لها أنها عرفت قدرها في زمن تاهت فيه خارطة الأرصفة... وتهدّمت حجارة جدران المحبة المتداعية...في شوارع انتحرت فيها الأرواح المتمردة على قارعة طرقات الخلود ....

إنها امرأة لو حان أوانها وأزف وقت رحيلها ...لو غفا على جسدها يوما التراب..لو نامت روحها ذات زمن على أديم الأرض المبلل بقطرات من ندى الفجر..ستلبس وقتها حلل النرجس والزعفران...وتتدثر زنابق الخلود والأقحوان... وترقد بين حبات تراب قُدّ من شوق عذب وحنان...عندها سيبزغ فجر  جديد تستكين فيه الروح بلا سفك للآلام ولا عذاب.....



الكاتبة 

منية الشريف 

6.11.2021




                                  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحلة قطار//الكاتب أركان القره لوسي

 رحـــلــةقـــطـــار رحـلت يـومـا بـعـيدا بأمـنـياتـي في سفرٍ طويلٍ بقطار المسراتِ فـأذا بـجليسةٍ رافـقـتني سـفري  كانت كنجمةٍ في أفق السماو...