الخضوع أولاً أم الأبجدية؟!....
قد يعد البعض الإجابة على سؤال على هذا النحو نوع من الترهات...
ولكن دعوني أحكي لكم......
في أول أسبوع لي بالمدرسة الابتدائية... كنت أحمل حقيبتي المكتظة بالكراسات والكتب و الأقلام الملونة... وأسارع مع ابنة الجيران للذهاب إلى المدرسة وكل منا تمتلئ بأحلام كعرض السماء....
وكأي طفلتين في هذا السن المبكر كنا لا نكف عن تبادل النظرات والابتسام.....وإذا بالمعلمة ترانا وتطلب منا بصوت أجش وكأنها في طابور جيش صباحي... (تعالي هنا انتي وهي).... وانهالت علينا بعصاها ......ذابت البسمة على شفاهنا وعضت كل منا عليها ألماًِ. ِ..... وارتعش القلب الصغير..... وعجز عقلنا عن استيعاب جرمنا الذي يستحق كل هذه العقوبة....
بكينا في صمت كما طلبت منا....
ثم لم يُسمع لنا صوت لباقي العام ولأعوام كثيرة تلي ذلك....
الغريب.. أن العصا علمتنا مالم يعلمه لنا أي شيئ آخر قبل هذا الحدث أو بعده.... علمتنا كيف نبتلع دموعنا ولا تواتينا الجرأة على ذرفها علناً... علمتنا أن نكتم كلمة لا فتتمزق بها صدورنا دون أن تبوح بها.... علمتنا أن تعج عقولنا بأفكار لا نقوى على التصريح بها لمجرد أنها لا توافق أفكارهم.... علمتنا أن العصا حقيقة واقعة وأن الحرية حلم يجول بخيالنا كل ليلة ولا يقوى أن ينبت بأرض الواقع ِ.....
وعندما تُشهر العصا يخضع كل شيئ.....
وتَيقنّا أن في مجتمعاتنا العربية يعلمون الخضوع قبل الأبجدية....
وحتى الأبجدية التي تعلمناها بعد ذلك هي أبجدية خاضعة....
الكاتبة
هويدا سالم
1.9.2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق