مهجرٌ في بلادِ الغرباء
تصابرني السنينُ بمخالبها الثكلى و تمضي
بتعذيبي أيا عمراً سهى بيومي العصبِ
أنزفُ من جراحي صراخَ اللومِ و الغضبِ
وأكتبُ وجعي بقهرِ الألمِ من جرحِ العتبِ
فأهدمُ بقلمي جدارَ المستحيلِ و الكوكبِ
و أزرعُ في المستحيلِ حروفاً للنسبِ
و إني لا أرى جمالَ النجومِ بباصرتي
لكني أشكو من دمعِ العيونِ ببعد الشهبِِ
فلي سيوفٌ وخناجرٌ بجرحي لا تبرحني
لي جروحٌ نلتُ منها إسمي و لقبي
فأنا من أهل النثر بحزني و أمير قافيتي
أجمعُ المفرداتِ بدمعي والرموزَ من الكتبِ
فحذاري يا أيها القلمُ من ثورةِ الغضبِ
حذاري من تناثرِ الحروفِ بين الندبِ
فأنا قصيدةُ الحزنِ بدنياي معزولة الأسمِ
لا أدري ببيتي و لا أدري بمذهبي
أحملُ فوق كتفي أثقالَ ومواجعَ الرحيلِ
أرقصُ بمرها وجعاً من شدة الألمِ والتعبِ
فأحترقُ بلوعة الشواءِ بنيراني و تكويني
أذوبُ احتراقاً و ألماً كالرمادِ من بعد اللهبِ
أكتبُ من دمعِ الموتِ حزناً بصدى القوافي
ولست خبيراً ببحرِ الحرفِ و مناهجِ الأدبِ
أدونُ أحزاني بدفتري وكل ما يخاطرني
فقط لأجد لبؤسي دروباً أغدو بها بمهربِ
فأنا أقدمُ مدينةٍ قد سكنتها الأحزانُ
بنيتها من دموعي و من لوعة شغبي
فلا عجب إن قصدتُ الموتَ بدرب الرحيلِ
فإني قد تعبتُ من تعددِ الطعناتِ و المقلبِ
كما تعبتُ من ليلٍ لا تدري أين نجومها
ولا تدري برحيلِ الطيورِ من دار الملعبِ
قد خضتُ صراعَ الحروبِ مع الجروحِ و
تحملتُ بحد السيوفِِ وجع الألمِ و الضربِ
فعدتُ مهزوماً من غضبي إلى غضبي
أجرُ ورائي كأس الخيبةِ كسقوط الثعلبِ
وإني لا أشكو الزمانَ بنوحي في المغيبِ
ولا أشهرُ بسيفي بوجه الليالي من عجبي
و إنما أبكي على سقوط الأيامِ كالتوابيتِ
بجحيم الرحيلِ مثل السقوطِ في الرسُبِ
فهناك بقيتْ تتألمُ ذاكرتي و تبكي بوداعي
أيا داراً تخلدتْ ذكراها بروحي و نسَبِ
عفرين كم سيطولُ غيابنا بضباب الرياحِ
قد طالَ المغيبُ بغربتي والدمعُ نار الهُدبِ
و قد شربتُ بدار غربتي من كأس أحزاني
علقماً والروح بات محجر بلا معنى كالخشبِ
أنوحُ شريداً بمنفاي بصراخي وثقف الظنونِ
تمطرُ أشواكها كالبرقِ علي كجمرات الشُهبِ
حزينٌ قلبي يمشي كالبعيرِ بصحراء أحلامي
أعوي سراباً كالغيمِ في الريحِ كعواء الذئبِ
فأنا اسطورةُ الأحزانِ و الدموعُ دار عرشي
فلا مكانٌ لراحتي أدفنُ به صراخ عتبي
ولا الدارُ داري ها هنا أنا الغريبُ المدفون
بجسدي و لا راحةٌ لي بفراق تلكَ التربِ
فذدني جرحاً يا اللهُ فمازلتُ أتحملُ بعد
مزقني وجعاً فقد تعوتُ على العذابِ بنكبِ
و إني أنحني أمام الموتِ و أفتحُ ذراعي
فغدا القلبُ شريداً و راحَ بالموتِ مرحبِ
فهاتِ يا أيتها الأقدارُ ما ملكتِ من ألمٍ
أسقني مر كأسكِ فلم يعد اللومُ نافعٌ بمطلبي
و قد تحملتُ من وجع السنينِ ما حملتها
الجبالُ فلا غسقٌ يطلُ بوجههِ من فجر جربِ
و لا العمرُ يعودُ له ما هدرَ من أيامٍ هوتْ
كأوراق الشجرِ اليابساتِ تهوي شرقاًو مغربِ
أخوض في المرايا معارك الذاتِ مع الشبحِ
فأرجعُ مكسوراً لدمعتي و لا تحملني ركبي
بداري مسكن الدموعِ باقية و دار مدمعي
تأسرني بالبكاءِ و تكسرني أشباحُ الرُعبِ
أجلسُ وحيداً بهزيمتي أجمعُ مر خسارتي
والأيامُ تلعبُ بجرحي في اللهوِ و في اللعبِ
ألملمُ من حولي أحزان الأيامِ و أطفو بدمعي
على بحر الحزنِ أتوهُ كغريبٍ بدروب المسَربِ
فلا تتقبلني مكاني و لا أطيقُ وجه الإنسانِ
أتمددُ وجعاً وجسدي من جراحهِ كثير الثقبِ
وساقطات كل أنجمِ و المحن راجماتٍ للنوى
مآذنٌ تكبرُ للسماءِ وجراحاً تغدو بي مداعبِ
يا رحمة السماء أتبخلينَ عن من أبكاهُ الدهرُ
و القلبُ كان من الطيباتِ بثراهُ غدا راسبِ
الدمعُ ينزفُ جراحهُ ببحور الأحزانِ سراباً
فاغضب كالرعدِ و اصرخُ كمطر بين السحبِ
فزلزل كيانَ القلبِ ياأيها الدمعُ و فجر عرشَ
الأحلامِ مزق وجه المرايا مع اليوم الشاحبِ
ففي الصراخِ راحةٌ من بعد النوحِ و اللومِ
و مرُ الكأسات ساقيةٍ مرها و شربُ الكربِ
العمرُ وقد مضى بيومهِ ذليلاً و الجرحُ صارمٌ
أجولُ بمتاهات الدنيا بكسرتي أنوحُ غضبي
لا الأقدارُ سامحتني و لا السماءُ قد رحمتْ
الجرحُ غواني والروحُ مازالَ يصارعُ بالحربِ
أنزفُ بجراحي للأيامِ وأسلو صرخات الألمِ
كحمامةٍ مذبوحة ترقصُ بشدة الألمِ بالطربِ
لا الدهرُ عني تباعدَ بلعنتهِ و لا الحياةُ تحلتْ
بدارها نعِمٍ فالموتُ راحَ بالعمرِ يرمي و يغلبِ
أنا الزيتونُ من أرضي جئتُ أبكي بمحنتي
أيا وطناً حملتهُ بدمي و صرتُ بريح المركبِ
أجولُ كل الجهاتِ الأرضِ بخيبتي من شر
الحاقدينَ و أشكو عن الظلمِ ببلاد العربِ
✍الكاتب🍁
مصطفى محمد كبار ....... أمير الأحزان
حلب سوريا 12 / 7 / 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق