تجارُ الأحلام
إعتادَ كُل يَوم بعد عودتهُ من الجامعة ، أن يُشاهد نَشرة اخبار الظهيرة ،ولكن هذه المرة كان الحدث غريباً ،ثقيل على مسامعُه ،قالت المُذيعة" القتْ قوات الأمن القبضُ على تُجار الأحلام ".لم يَفهم وقتها معنى الكلِمة ،ظل يُحادث نفسهُ. دخلت عليه عمتهُ تُعانق كُوباً من القهوة بين كفيها ،وجدتهُ جالساً مشدوهاً ،يُتمتم بكلمات غير مفهومة. سألتهُ: ماذا بكَ ياولدي ؟.هل جُننت؟! .رد موضحاً سرَّ تغيرهُ المُفاجيء." "لا ياعمتي ،ولكن سمعت ان رجال الأمن قبضوا على تجار الأحلام !. فهل يوجد تجار للأحلام أصلاً ؟." رَددت باأبتسامةً ساخرة، تملئُها المرارةَ على ماضاع منها:" نعم ياولدي، أولئك الذين يضحَكون عليكُم ، ويوهُموكم ، أنَ السفرَ للخارج، سوف يُدر عليكُم الملايين يامعشرَ الشباب ، فتُجلب لكم الدُنيا بزينتها ومتاعِها ،وأنكُم ستعودون الى اهليكُم وذويكُم كالملوك، مُحملين بأفخرِ الهدايا وأثمنها" ،قاطعها قائلاً :" نَعم .هذا جيد! ، جميل جداً أن يعودوا مُحملينَ بالمال ؟.هذا حُلم كل شاب ،وأنا أولهُم .
و بعد تنهيدةَ يأس، قاطعتهُ غاضبةٗ باكيةً. "هُم لا يَصِلوا حتى يَرجعوا ياولدي،فمن لم يمُت غريقاً ، مات محموماً ،او ربما من الجوع ،ولاتنسى دوار البحر وفعلهِ ، والخوف مما يَحويه باطنهُ،وتَشردكُم كالكِلاب. "قاطعها مواسياً،بعد أن نظرَ إلى صورة أبنِها المُعلقة علی الحائط، قائلاً : "هوّني عَليكِ، ياعمتي ، فمن حقِنا ان نُسافر لنصنعَ مُستقبلنا، ﻻتخافي ،غد اً سوف يَعود الغائب ،ويبرُد القلب ، ويأتي بالخير كلهُ". فقالت "اسمع ياولدي ،لو ان سفركُم سوف يجعلكُم ذات قيمة ،أذهَبوا جميعاً لتُحقَقوا احلامكُم ، اما إذا كان ِمن أجل غسيل الاطباق، فمطابخنا مليئة ،تحتاج الی من يُنظف أوانيها. بدلاً ِمن الجري كاللصوص فى الشوارِع، خوفاً من صافِرات الشرطة".مَسحت دموعها ،ثُم ربَتت على كَتِفه قائلةً ."نصيحتي لك ياولدي ،ﻻ تُجهِز حقيبتَك يوماً ،حتى ﻻ تندم على سفرِك عُمراً ، فلا تَسمعوا لمن باعوا ضمائرهُم ،وقبضوا ثَمنها دمكُم و عمركُم،واقنعوكُم أن الطريق محفوف بالورود. والحقيقه أنهُ طويل جداً ،مَليء بالمخاطر ،يحتاج للجِد والمُثابرة. واعَلم انهُ من عَزت عليه نفسهُ، عاش كريماً بين الناس ،ومن هانت عليه نفسهُ ،هانت نفسهُ على الناس.
الكاتبة
عائشة العزيزي
28/7/2021
روووعاتك..🌹
ردحذف