المَلاك الحَارس
لَمْ يَشعُر ( أحمَد ) بِنَفسِه إلا وَ هُو خَلفَ
الشَّاب ،فَقَد قفزَ من فوق سُور الحديقة الى الدَّاخِل وَجَرَى مُسرِعاً
نحوَهما ، وَ عِندَما رَآه (ماجد) وَقبلَ
أنْ يَقترِب مِنهُ ، ألقَى بِها عَلى الأرض
وَ إتَجَه هُوَ الآخر تِجاه (أحمَد)،
وَتبَادَلا
الّلَكَماتِ حَتى اسّتَطاعَ(ماجد) أن يَحكُمَ
قَبضَةَ يَدهِ عَلى عُنُقِه واعّتَلى جَسَده
الممدَّد بأرضية الحَديقة وَ كَاد أنْ
يَقضي عَليه ، فَقَد بَدأ الهَواء يكاد
يَفْنى مِن رِئَتيهِ (أوشكَ على الإختناق)
، فِي تِلك اللحظات كانَت (سَلوَى) قَد
استَعادتْ وَعيَها ، فَلمْ تَجِدْ
سِوَى اِصيص
الزُّهور موضوعاً عَلى دَرجاتِ السُّلم
المؤدي إلى باب مَبنى الفِيلا ، فَحمَلتّهُ
مُسرِعَةٌ وَصَدَمتْ بِه رَأس(ماجد)الَّذي
فَقد وَعِيهِ على أثرها .
إستعَاد ( أحمَد ) اِتزَانَهُ لِيَجدَ غَريمه
فَاقد الوَعي مَع جُرحٍ بَسيطٍ بِالرأس ،
فإتَجه مُسرعًا وهو مُمْسِكا يَدِها بقبضة
يَده وَلَم تقاوِمْه ، وُهي في دَهشةٍ و
فَزعٍ شَديد ، واتجه بِها الى سَيارته
وأسرَع بالسَّيرِ ، وأثناء الطريق لَم ينطقْ
أيٌّ مِنهما بِكَلمةٍ وَاحدة ، بل صَوتُ
أنفاسِهما يَعلو صَوتَ مُحرِك السيارة ،
اتَجَها إلى كُورنِيش النِّيل وَأوقَف مُحرِك
السيارة ،ثُمَّ نَظرَ إليها فِي حُزنٍ يَمْتَزِج
بالغَضب قَائلاً : ..
- لماذا ؟ ... لقد أحببتكِ ... أنتِ أجمل
مَن عَرفتها بِحَياتي .
هَمتْ هي بأجابَتهِ فَبَادرها بوضع
إحدَى يَديه عَلى فَمها ، وَأكمل
ُحديثه:
- لقَد اِعتَقدتُ أنَّ الله عَوضني بِكِ ،
وَجدتُ مَن تُشاركني مشوارحياتي .
اِنْهَارت (سَلوَى) بكاءً مُردِدةً :
- كُنْتُ حَقاً مُخطئة فأضَعتُ مِن العُمرِ
كثيراً .
قَصَّتْ (سَلوَى) عَليه قِصتها هِي وَ أُسّرَتها
وَ مَأساةِ أُختِها (لَيلى) ورغبتها ، وكيف
حَولت حَياتها إلى جَحيم .
يزداد بُكاؤها وتخفي وجهها بِكِلتي
يديها ، بينما هُو قَابِضٌ بيديه عَلى
عَجلة القِيادة بِعنفٍ وغَضب ،وَ السيارة
سَاكنةٌ عَن الحَركة وَهِي تكمل حديثها
وكأنها تحادثُ نفسها : ..
- نَعَم قَابَلت التَّضحية بالنُّكران،ضَحَتْ
(لَيلى) بِنَفسِها مِن أجل الجَميع ،
صَنعت لَنا الكثير .... لا ....لا لم
أكن كذلك ... أردتُ أن أُعوضها ،
أردتُ حَياةً أمِنَةً مُستَقِرة ، واعّتَقدتُ
أن المَالَ يُحَقق ذَلك .. لا .. لا .
وَعَادَت لِبُكائِها حتى غَطَّى وجهَها شَلالٌ
مِن الدُّموع .
- لا رَغبةٌ لِي فِي الحَياة كِدّتُ أفقِدُ
مَا أعتزُ بِه ، كِدّتُ أسقُط .
بَدا (أحمَد) متأثراً بحوارِها فَهدأ
وَ رَدَّ
عَليها قائلاً : ..
-(سَلوَى) إنَّنِي حَقاً أحببتكِ ، أحببتُ
الفَتاة التي يُقدرها الجَميع وَ يَحترِمُونها
، كُنتِ بِمُخيلتي أماً .. أُختًا وَ حبيبةً
وَ اليَوم عَلِمت أنكِ لَم تُبَادلِيني ذَلِك
الإحسَاسَ فَلكِ مَا تشائين ،حُبي
هُوَ مَادَفعني ألا أفارقكِ اليوم رغماً
عما رأت عيناي ، لا تخدعنكِ المَظاهر ..
فَكَمْ مِن قُلوبٍ تُغَلفُها الطَّهارةُ وَيَملؤهَا
النَّقاء تُحِيطُ بِنا وَ لا نُدرِكها ،إن أردتِ
أن تَكوني صَديقةً وَأُختاً فَأهلاً بِكِ ،
وَإن لَمْ يَكُن لَكِ ماتَشائين ....
أسرعَتْ (سَلوَى) تَمْسَحُ دُمُوعَها وَ بَدتْ
اِشْرَاقةٌ تُطِلُّ على وَجهِها ، تُكَلِلُهُ
إبتسَامة يَكْسُوها قَليلاً مِن الحُزن ،
رَدَّتْ عَلى عَرضِ(أحمَد) قائلة : ...
>>>>>>>>>>>
الكاتب
أشرف رسلان
30/6/2021
روووعاتك استاذ...🌺💐🌺
ردحذف